صنعاء | في ظلّ تصاعد المحاولات الغربية لوقف مسار معركة الحسم في مأرب، تُواصل قوّات صنعاء تقدُّمها من أكثر من محور في محيط المدينة، وسط انهيارات متلاحقة في صفوف القوّات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي. المعركة التي تُعدُّ المرحلة الثانية من عملية «البنيان المرصوص» التي أنهت وجود قوّات هادي والتحالف السعودي - الإماراتي شرقي صنعاء، بعد تحرير مناطق نهم كافة وصولاً إلى مديريات صرواح ومدغل ورغوان ومفرق الجوف ومناطق واسعة من محافظة الجوف، بما فيها مركز المحافظة، مطلع العام الفائت، تتواصل منذ فجر الأحد، من خمسة محاور قتالية جميعها محيطة بمدينة مأرب. ولليوم الرابع على التوالي، يمضي الجيش و»اللجان الشعبية» في معركتهما المصيرية، إذ حقّقا مكاسب كبيرة على الأرض في جبهات صرواح وجبل مراد والكسارة وجبهة الحذافر والدحيضة، فيما تراجعا في العبدية والجوبة. وباتت المواجهات، التي شهدت خلال اليومين الماضيين مدّاً وجزراً بين الطرفين في جبل مراد ووادي ذنه بالقرب من سدّ مأرب، قريبة من أحياء المدينة الغربية، على رغم الغارات الكثيفة التي شنّتها طائرات «التحالف»، وتجاوزت بمجموعها 100 غارة في الساعات الـ72 الماضية، استهدف بعضها تعزيزات لقوات هادي بالقرب من الطلعة، وهي النقطة الأقرب إلى أحياء المدينة الغربية.مصادر قبلية أفادت، «الأخبار»، باحتدام المواجهات في عدد من جبهات صرواح غربي مدينة مأرب، مشيرة إلى أن قوات هادي «دفعت بكلّ ثقلها العسكري للدفاع عن المدينة في المنطقة الواقعة بين الطلعة الحمراء ومدخل المدينة من الجهة الغربية، بعدما تمكنت قوّات صنعاء من محاصرتها في هذه البقعة والوصول إلى مواقع متقدّمة قريبة من مدينة مأرب بعملية التفاف ناجحة فجر أمس». هذا التقدّم جاء بعدما استطاع الجيش و»اللجان» إحكام سيطرتهما الكاملة على مناطق واسعة في كوفل في صرواح، وعلى قيادة «اللواء 310 مدرّع» بكامل عتاده خلال معارك الثلاثاء. ونقلت وكالة الصحافة اليمنية في صنعاء عن مصادر عسكرية تأكيدها وقوع العشرات من الأسرى من منتسبي اللواء، فضلاً عن اغتنام كميات كبيرة من الأسلحة المختلفة، منها دبابات ومدرّعات سعودية حديثة. وتقدّمت قوات صنعاء، أيضاً، في اتجاه منطقة الزعاف، وسط دفاع مستميت من قِبَل مسلحين قبليّين في وادي ذنه ومناطق قريبة من سدّ مأرب، يتبعون قبائل بني ضبيان التي ينحدر منها محافظ صنعاء الموالي لهادي، عبد القوي شريف. وأفاد أكثر من مصدر بأن مواجهات عنيفة تدور في جبل القريضة في مديرية مراد، والذي تحاول قوّات هادي استعادته منذ يومين.
استعان «الإصلاح» بعناصر من «القاعدة» تمّ حشدهم من محافظتَي شبوة وحضرموت خلال الأيام الماضية


التقدُّم الكبير في جبهات غربي المدينة تزامن مع سيطرة الجيش و«اللجان» على مساحات واسعة في جبهة الجدافر ودحيضة الواقعة في صحراء محافظتَي مأرب والجوف. وأكّدت مصادر مطّلعة أن قوات صنعاء سيطرت، في اليومين الماضيين، بشكل كامل، على جبهة دحيضة القريبة من منطقة العلمان المطلّة على الطريق الرابط بين مأرب وحضرموت شرقي منطقة صافر النفطية، فيما اعتبر مراقبون سقوط دحيضة في يد قوات صنعاء بمثابة بوابة عبور لها لإكمال الطوق على العلمَين الأبيض والأسود وقاعدة الرويك العسكرية، وصولاً إلى الالتفاف على منشأة النفط والغاز في صافر.
وبعد عزوف الكثير من قبائل مأرب عن القتال في صفوف قوّات هادي وهروب العشرات من قيادات «الإصلاح» المدنية والعسكرية من المدينة في اتجاه المحافظات الجنوبية، استعانت السلطات المحلية الموالية لهذا الحزب بعناصر من «القاعدة» تمّ حشدهم من محافظتَي شبوة وحضرموت خلال الأيام القليلة الماضية، لينضمّوا إلى عناصر التنظيم الموجودين في عدد من مناطق صرواح ووادي عبيدة بغطاء وتمويل سعوديَّين. وأكّدت مصادر عسكرية في محافظة مأرب «قيام الجيش واللجان الشعبية بتنفيذ عملية هجوميّة على معسكرات التنظيم الإرهابي في الضواحي الغربية والجنوبية لمدينة مأرب يومَي الإثنين والثلاثاء». ووفقاً لهذه المصادر، فقد «تمكّنت قوات صنعاء من قتل أحد زعماء القاعدة الميدانيين، ويدعى الأمير الإرهابي علي محمد بن غريب، وآخر يدعى زين العابدين بن علي، ولا يزال مصير العديد من أمراء التنظيم مجهولاً». وأشارت المصادر إلى أن «الجانب السعودي عزّز جبهة صرواح بالمئات من عناصر القاعدة خلال الأشهر الماضية». وكانت قوّات صنعاء أعلنت في آب/ أغسطس من عام 2018، مقتل أمير التنظيم في مأرب، غالب الزايدي، خلال مواجهات في مديرية صرواح.
في هذا الوقت، حذّرت سلطات مأرب المحلية التابعة لـ»الإصلاح»، «التحالف» وحكومة هادي، من خطورة الوضع في محيط المدينة، داعية «المجتمع الدولي» إلى الدفع في اتجاه وقف الهجوم على مأرب، وذلك خلال اجتماعات أمنية طارئة عقدتها يومَي الإثنين والثلاثاء. ووجّهت هذه السلطات بسرعة استكمال حفر المزيد من الخنادق في محيط المدينة، والترتيب لحرب شوارع، فيما لفتت مصادر محلية إلى قيام ميليشيات «الإصلاح» بتقسيم مأرب إلى مربّعات عسكرية، وصرف أسلحة خفيفة ومتوسّطة للمئات من المواطنين في عدد من الأحياء السكنية المحيطة بالمدينة من كلّ اتجاه، لدفعهم نحو القتال. وقالت المصادر إن الميليشيات استخدمت المساجد لإثارة مخاوف السكّان من دخول الجيش و»اللجان» المدينة، ودعت المدنيين إلى القتال دفاعاً عمّا سمّته «النظام الجمهوري»، مهدّدة إياهم باللجوء إلى التعبئة الإجبارية في حال تراجعت قوّات هادي على جبهات تخوم مأرب.