رام الله | بعد 16 عاماً، من المتوقع أن يقف الفلسطينيون أمام صناديق الاقتراع عقب مراسيم السلطة الفلسطينية لتحديد مواعيد الانتخابات. إلى جانب ترحيب الفصائل، يعود اسم القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان إلى المشهد، وسط تساؤلات عن مشاركته وتياره في الانتخابات إذا جرت. ومع مراجعة عدد من قيادات السلطة، ثمة تشديد على أن القانون لا يسمح لدحلان بالترشح بسبب الحكم القضائي الصادر بحقه بالسجن ثلاث سنوات لإدانته في 2016 باختلاس 16 مليون دولار. وبينما أكد «تيار الإصلاح الديموقراطي» الذي يتزعمه الرجل مشاركته في الانتخابات المقبلة، كشفت مصادر أن التيار بدأ ضخ دفعات مالية بداية الأسبوع الحالي في القدس المحتلة وضواحيها، وقيمة أول دفعة هي مليون شيكل (نحو 300 ألف دولار أميركي).في المقابل، تقول المصادر ذاتها إن الانتخابات «فرصة ذهبية يقتنصها تيار دحلان لإثبات وجوده وثقله في الساحة، وليس ضرورياً وجود اسم زعيمه مرشحاً، لكنه سيشارك بقوائم رسمية في غزة، وفي الضفة والقدس سيدعم شخصيات معينة لتشكيل قوائم تحت مسمى مستقلة». وتمثل المخيمات ذات الكثافة السكانية العالية الثقل الأكبر لدحلان في الضفة المحتلة، وأبرزها: بلاطة في نابلس، والأمعري في رام الله والبيرة، وجنين. ويُعزّز هذا الثقل وجود شخصيات محورية لعبت دوراً سابقاً في «فتح» خلال الانتفاضات السابقة، ولم تُسجّل بحقها أي أحكام قضائية، ومنهم نواب أو قادة أمنيون أحيلوا إلى التقاعد.
الدفعة الأولى في القدس وضواحيها قرابة 300 ألف دولار


قاعدة دحلان في الضفة ذات تركيبة هرمية، وتتكون من مجموعات مسلحة، وأخرى غير مسلحة تقودها شخصيات مجتمعية، والأخيرة أيضاً تستقطب ولاء مجموعات من الشباب، كما أن له في المخيمات لجاناً اجتماعية لتقديم المعونات. أما التكتيك المعتمد، كما يقول أنصاره، فهو استغلال الإجراءات العقابية التي انتهجتها السلطة بحق موظفين وشخصيات فتحاوية أو تهميشها فئات مجتمعية، لاستمالة عدد كبير من كوادر الحركة.
يمكن القول إن تيار دحلان حرص على تعبئة الفراغ الذي تركته رام الله، وهذا ما يفسر نشاطه في «المناطق المهمّشة» كمخيمات اللاجئين وضواحي القدس والمناطق المصنفة «ج»، حيث لا صلاحيات للسلطة فيها. وليس بالضرورة أن يكون هذا النشاط على شكل «مجموعات مسلحة» تُخاصم السلطة، بل مساعدات مالية وطرود غذائية وصلت إلى عائلات في مناطق الضفة والقدس. أما «ساحة غزة» كما يسمّيها تياره، فيجري النشاط فيها على قدم وساق وفي مختلف القطاعات الاجتماعية وبعلم «حماس».
في سياق متصل، أعلن رئيس الوزراء محمد اشتية أن السلطة «ستقدم طلباً رسمياً إلى إسرائيل للسماح بإجراء الانتخابات في القدس الشرقية، سواء الناخبين أم المرشحين». وإجراء الانتخابات في القدس معضلة قديمة جديدة، لكن المخاوف تكبر هذه المرة من منع حكومة العدو بسبب الوضعية الجديدة التي أنتجتها إدارة دونالد ترامب السابقة وتكثيف حكومة بنيامين نتنياهو ملاحقتها مؤسسات وجمعيات تشرف عليها السلطة خلال السنتين الأخيرتين.
قبل 16 عاماً سمح العدو بإجراء الانتخابات في القدس ضمن شروط محددة ووفق قيود، كتحديد أعداد الناخبين ومنع تحويل المدارس إلى مراكز اقتراع، بل التصويت في مراكز البريد التابعة للاحتلال! آنذاك (2005-2006) أدلى 2200 من القدس بأصواتهم من أصل 5000 في البريد، وفق تفاهمات بين السلطة وإسرائيل، على ألا تحمل ورقة الاقتراع أي رموز أو مدلولات فلسطينية، فيكون «مظروفاً بريدياً عادياً وغلافه فارغاً»!