إلى جانب الضغط الأوروبي على السلطة الفلسطينية لتجديد شرعيتها كشرط أساسي لعودة المساعدات بقوة، يفيد مصدر فلسطيني بتوجه أوروبي إلى وقف المساعدات بعد رفض المالية الفلسطينية تنفيذ أحكام بإعادة رواتب موظفين قطعتها رام الله. أحد الموظفين ممن رفعوا القضية قال إن ما يقارب 400 من موظفي السلطة (معظمهم يتبعون «التيار الإصلاحي» في «فتح» بقيادة المفصول من الحركة محمد دحلان) غالبيتهم من قطاع غزة وعدد منهم يعيشون حالياً في أوروبا وآخرون في مصر والأردن سبق أن رفعوا دعوى في «المحكمة العليا» في رام الله من جراء قطع رواتبهم بحجة «التجنح وعدم الاعتراف بالشرعية». يشرح الموظف أنهم كسبوا القضية، وقد أصدرت أعلى هيئة قضائية فلسطينية قراراً غير قابل للطعن أو الاستئناف بعودتهم إلى وظائفهم وإلغاء العقوبات بل إعادة رواتبهم بأثر رجعي، لكن رئيس السلطة، محمود عباس، أصدر أوامر إلى «المالية» بعدم تنفيذ القرارات القضائية. ويقول: «قررنا أن نريَ العالم ما يفعله عباس من خرق للديموقراطية، فرفعنا (165 موظفاً من أصل 400 مقطوعة رواتبهم) دعوى دولية على يد محامٍ فرنسي يدعى سيفاج توروسيان، كان يشغل منصب رئيس محكمة الجنايات الدولية».
في إفادة أصحاب الدعوى، تواصل المحامي مع مسؤولة الاتحاد الأوروبي في رام الله للاستفسار قبل أن يجري قبول القضية وإدراجها. وسبق أن هاجم توروسيان رفض وزارة المالية قرارات «المحكمة العليا» الفلسطينية، قائلاً في تصريحات صحافية: «إنكار السلطة للعدالة وإصدار القرارات التعسفية السياسية سيدفعان السلطات الأوروبية إلى تعليق كل المساعدات المالية التي تتعارض مع مهمة بناء سيادة القانون». وأضاف: «مكتبي يعدّ شكاوى سترفع في غضون شهر إلى المحكمة الأوروبية لمراجعي الحسابات ولجنة الميزانيات في البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية من أجل تعليق برامج المساعدات المالية»، علماً بأن مصدراً في رام الله ذكر أن الأوروبيين يخصّصون سنوياً 1.3 مليار يورو لدعم السلطة.
اللافت أن «العليا» الفلسطينية أصدرت ما بين 2018 و2020 17 حكماً نهائياً بعدم قانونية القرارات الصادرة عن وزارة المالية، لكن وزيراً في حكومة محمد اشتية، فضّل عدم ذكر اسمه، قال إن القضية «ليست قصة تجنح بل لأن هؤلاء الموظفين خارج البلاد، والدليل على ذلك أنهم يقيمون في أوروبا، فهل يحق لمن هو في الخارج أن يسمى موظفاً». وأضاف: «ينص قانون الخدمة المدنية على أنه في حال تغيّب الموظف عن عمله 15 يوماً يعدّ مستنكفاً عن العمل وتسقط عنه الوظيفة... هناك تعاقد قانوني وأي خلل ينهي العقد».
يعلق النائب في «المجلس التشريعي» بسام الصالحي على القضية بالقول إن أي أحكام للقضاء الفلسطيني يجب أن تنفذ، «لكننا ننصح أبناء شعبنا بعدم تحويل القضايا الداخلية إلى خارجية، نظراً إلى حجم التحريض، فالموضوع يمكن أن يستغل، خاصة في هذا التوقيت الحرج الذي لا يهدف إلى إحقاق الحق بل إلى المس بوضع الشعب الفلسطيني». وأضاف في حديث إلى «الأخبار»: «يجب أن تعاد الحقوق إليهم ما دام هناك قرارات من المحاكم الفلسطينية التي يجب أن تنفذ باحترام كامل».
في غضون ذلك، أكد مصدر مطلع في رام الله أن القضية مطروحة لدى «المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان»، وأن «الاتحاد الأوروبي متعاطف مع هؤلاء... ستؤثر هذه القضية في مجرى الانتخابات والتمويل لحركة فتح». وبالتوازي، يقول مصدر في «الإصلاحي»، إن التيار سيتجه إلى المحاكم الأميركية ذات العلاقة أيضاً، مضيفاً: «شيطنة التوقيت للدعاوى جاءت بسبب الدعوة إلى الانتخابات... حتى إن عدنا إلى وظائفنا هناك الكثير لنحاسب عليه عباس». وتابع: «ستشكل القضية ضغطاً كبيراً على عباس، لأنه قد يدرج اسم وزير المالية ورئيس الوزراء على قوائم الممنوعين من دخول الاتحاد الأوروبي، لكونهم لم ينفّذوا العدالة».