صنعاء | رغم الدفاع المستميت الذي تبديه القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي في جبهات محيط مدينة مأرب، تمكّنت قوات صنعاء من إحراز تقدّم جديد في جبهات جبل مراد جنوب المدينة، بعد معارك عنيفة استمرّت قرابة أسبوع. كذلك، نجحت في شلّ قدرات قاعدة صحن الجن العسكرية التي تضمّ مقر وزارة الدفاع في حكومة هادي وعدداً من المعسكرات ومخازن السلاح في محيط المدينة وأخرجتها عن الجاهزية، إضافة إلى سيطرتها على عدد من المواقع العسكرية التابعة للواء 117 الموالي لهادي غربي المدينة.قوات هادي التي فقدت مناطق واسعة في محيط المدينة، خلال الأسابيع الماضية، فشلت في بناء خطّ دفاع جديد عن المدينة، كما فشلت الهجمات الواسعة التي حشد لها عدد من الألوية العسكرية بتنسيق كامل وإسناد جوي من تحالف العدوان، في استعادة أيّ مناطق في محيط مأرب. وقد شُنّت أوسع عملية زحف مسنودة بغارات كثيفة من طائرات العدوان، امتدت من جبهات غرب المدينة إلى جبهات شرق المدينة، وشملت مناطق السحيل والعكد شرق نقطة الكسارة، وصولاً إلى وادي الفتيحه شرق منطقة الرخيم في مديريات مدغل. وانتهت بانكسار الزحف على أيدي قوات الجيش واللجان الشعبية، وتكبّد تلك القوات خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وتراجعت من دون تحقيق أيّ تقدّم. وقد تمكّنت قوات الجيش واللجان الشعبية من تطهير ما تبقّى من مناطق استراتيجية تابعة إدارياً لمديرية مدغل، والواقعة في النطاق الجغرافي لمحيط مدينة مأرب. وفي المعركة ذاتها، أُسقطت طائرة تجسّس من دون طيار صينية، من نوع CH4، تابعة لسلاح الجو السعودي، ووفقاً لتصريح المتحدّث باسم قوات صنعاء العميد يحيى سريع، فقد تمّ إسقاط الطائرة، منتصف الأسبوع الماضي، بصاروخ لم يُكشف عنه بعد.
وأكد مصدر قبَلي، لـ»الأخبار»، تمكُّن قوات صنعاء من السيطرة على وادي سلان الواقع شمال غرب معسكر الكنائس شمال المدينة، والسيطرة على عدد من مواقع عسكرية تابعة للواء 117 الموالي لهادي، وإحكام السيطرة على مناطق النجف والاقتراب من وادي الصمدة. ووفقاً للمصدر، فقد تقدّمت قوات الجيش واللجان الشعبية باتجاه منطقة الزور غرب مأرب، خلال الأيام الماضية، وتمكنت من شنّ هجوم مدفعي وصاروخي مكثّف استهدف قاعدة صحن الجن العسكرية، فجر الجمعة، استمرّ لساعات وتسبّب في انفجارات وحرائق هائلة.
في الأيام الأخيرة، شنّت قوات هادي هجمات على مواقع قوات الجيش واللجان في محاولة منها لتخفيف الضغط العسكري على جبهات محيط مأرب، وتحديداً غرب وشمال المدينة، ولكنّها فقدت التوازن أمام ضربات قوات الجيش واللجان الشعبية التي تمكّنت من صدّ الهجمات وتحويلها إلى هجمات مضادّة، بعد معارك عنيفة خاضتها مع تلك القوات. كذلك، تمكّنت من السيطرة على مواقع استراتيجية، منها موقعَا الزعط والمعود، فيما امتدت المعارك إلى منطقة الأوشال وتقدّمت قوات الجيش واللجان خلال اليومين الماضيين إلى مناطق آل نجاح في مراد.
التقدّم الكبير الذي أحرزته قوات الجيش واللجان الشعبية، خلال الأسابيع الماضية في محيط المدينة، دفع دول تحالف العدوان إلى تغيير استراتيجيتها في التعامل مع القوات الموالية لهادي والمدعومة منها في مأرب.
اضطُرّت دول التحالف إلى تغيير استراتيجيتها بعد تقدّم قوات الجيش واللجان الشعبية

فالسعودية التي أُجبرت تحت الضغط العسكري لقوات الجيش واللجان الشعبية على سحب معظم قواتها من مأرب، لجأت إلى تنسيق مواقفها مع الإمارات في معركة مأرب، ومنحت القيادات الموالية لأبو ظبي، ممثلة برئيس أركان قوات هادي اللواء صغير بن عزيز، صلاحيات أوسع في ترتيب الوضع العسكري. كذلك، لبّت للمرة الأولى مطالب بن عزيز، بعيداً عن تدخّلات وزير الدفاع في حكومة هادي، في صرف حوافز مالية مغرية بالريال السعودي بشكل يومي للقوات التي تقاتل في الميدان، لتحفيز الآخرين على الالتحاق بالجبهات. وتم تنفيذ مقترحات أركان هادي بتعيين شخصيات موالية للإمارات في جبهات جبل مراد والجوبة جنوب مأرب وتوحيد الجبهتين تحت قيادة ذياب القبلي نمران أحد الموالين لأبو ظبي. وتزامن ذلك مع تصريحات أطلقها القائد الموالي للإمارات في الساحل الغربي طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أشار فيها إلى استعداده للدفاع عن مأرب، إلّا أنّ مصادر أفادت بأنّ توجيهات إماراتية صدرت بنقل أربعة ألوية عسكرية تابعة لطارق صالح إلى مأرب. وفي الوقت الذي ساده تذمّر كبير في أوساط المقاتلين القبليين مع العدوان، بسبب الاستهداف المتكرّر لهم من قبل طائرات تحالف العدوان، تسعى السعودية لتجنيد الآلاف من القبليين منذ أيام، لوقف سقوط مأرب. وأكدت مصادر مطلعة قيام قائد القوات السعودية في مأرب، يوسف الشهراني، الأسبوع الماضي، باستدعاء عدد من مشائخ مأرب وحثّهم على تشجيع أبناء القبائل للذهاب إلى الجبهات، ووزّع عليهم مبالغ مالية كبيرة.
ووفق المصادر، فقد وعد قائد القوات السعودية بإنشاء لواء للمقاتلين القبليين، كما وعد بمكافأة كبيرة للمشائخ الذين يستطيعون حشد أكبر عدد من المقاتلين. غير أنّ المساعي السعودية الأخيرة لعسكرة القبائل قوبلت برفض بعض المشائخ الذين اتهموا السعودية باستهداف المسلّحين القبليين الموالين لها في الجبهات، مؤكّدين أنّ تكرار استهداف المسلّحين القبليين غير بريء وممنهج، ومستدلّين بعدد من الغارات التي استهدفت أبناء القبائل المقاتلين في صفوف قوات هادي، وآخر تلك الحوادث استهداف رتلاً قبلياً غرب مأرب، الأسبوع الماضي، بغارة جوية أدت إلى إصابة ومقتل أكثر من 20 مسلّحاً قبلياً.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا