التغلغل الصهيوني سيتعاظم في هذا البلد الكيان العبري شريك مباشر في قمع القوى الحيّة المغربية

سيون أسيدون، أحد الرموز التاريخية البارزة للمعارضة الثورية الجذرية في المغرب الأقصى. الشاب الذي حلم بتغيير العالم انطلاقاً من بلده، وقضى في سجونه أكثر من 12 عاماً بسبب نضاله السياسي، بقي متمسّكاً بثوابته المبدئية، وفي مقدّمتها الدفاع عن القضية الفلسطينية ومناهضة الصهيونية. ساهم أسيدون في تأسيس «حركة مقاطعة إسرائيل في المغرب»، وهو اليوم في طليعة المتصدّين لقرار النظام الملكي التطبيع مع الكيان الصهيوني، والذي اعتبره، في مقابلة مع «الأخبار»، دخولاً للمغرب في التحالف العسكري الأميركي - الإسرائيلي - الخليجي، ستترتّب عليه مفاعيل في غاية الخطورة بالنسبة إلى الشعب المغربي وقواه المناضلة.

يؤكد سيون أسيدون أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب والكيان الصهيوني، وكذلك في ميادين التكنولوجيا والأمن، ستشهد نمواً كبيراً بعد التطبيع: "لن تبقى الأمور على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية - العسكرية والاستخبارية، وكذلك على مستوى النقل البحري، على ما هي عليه اليوم. التعاون في الميدان الأمني - الاستخباري بين الطرفين قديم. سَرّبت الاستخبارات المغربية لنظيرتها الصهيونية المعلومات الحيوية الخاصة بالقمة العربية التي عُقدت في الدار البيضاء عام 1965، وهي ساهمت مع المنظّمة الصهيونية العالمية في عملية تهجير قسرية للمواطنين المغاربة اليهود إلى فلسطين المحتلة، ليصبحوا فيها مستوطنين وجنوداً يقاتلون الشعب الفلسطيني. هي ارتكبت جريمة مزدوجة بحق الشعبين الفلسطيني والمغربي. تستعمل السلطات الأمنية المغربية حالياً تطبيقات إلكترونية صهيونية للتجسّس على المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين في المغرب. التطبيع الاستخباري قديم ومستمر. على المستوى العسكري، فإن طائرات أف - 16 التي اشتراها المغرب تحتوي على تجهيزات إلكترونية صُنعت في إسرائيل وتتكفّل شركاتها في المساعدة على استخدامها وصيانتها. يعني ذلك أن السيادة الوطنية مخترقة. غير أن مرحلة جديدة بدأت اليوم مع التطبيع العلني، تتلخّص في الانتقال إلى تحالف عسكري مع أنظمة الخليج والكيان الصهيوني، وتشكيل محور سياسي - اقتصادي - تكنولوجي - عسكري بين جميع هذه الأطراف".
النمط الجديد من القمع في المغرب هو تلفيق التهم للمناضلين والإعلاميين الأحرار


التغلغل الاقتصادي الإسرائيلي في المغرب ليس جديداً. ففي المجال الزراعي، "شركة نيتافيم الصهيونية، المتخصّصة بمنظومات الريّ، استَخدمت كواجهة شركةً مكسيكية لتطوير أعمالها في البلاد، ضمن توجّه يهدف إلى تحويل الأخيرة إلى رأس جسر نحو أفريقيا. يستورد المغرب أيضاً عدداً من البذور من شركتَي زراعيم وحزيرا الإسرائيليتين، وتستعمل الأولى شركة سانجانتا السويسرية كغطاء، والثانية شركة لايماغران - فيلموران الفرنسية، المتخصّصتَين بالبذور. ومنذ سنتين، تمركزت شركة نيتافيم علناً في المغرب. على المستوى التكنولوجي، تمّ تجهيز عدد من المرافق الرسمية، وبينها بعض الوزارات والبرلمان وإذاعات وقنوات تلفزيونية، بتقنيات سمعية - بصرية تُنتجها شركة كرامير الإسرائيلية، ومقرّها في القدس المحتلة. أمّا بالنسبة إلى النقل البحري، فإن شركة زيم الإسرائيلية تعمل على الخطّ البحري بين مرفأَي طنجة وحيفا بشكل علني، وبين مرفأَي حيفا والدار البيضاء، مستخدمةً أسماء شركات أخرى. في المجال الأمني، فإن خدمة بيغاسوس، التي أنتجتها شركات إسرائيلية، استُعملت في الإمارات ضدّ ناشطين في منظّمات حقوقية، وكذلك في المغرب ضدّ مناضلين وصحافيين. وقد كشفت منظّمات معنيّة بالدفاع عن حقوق الإنسان، بما فيها حقّه في الخصوصية، كمنظّمتَي برايفسي وستيزن لاب، أن المغرب لجأ بشكل كثيف إلى أنشطة تجسّس امتدّت إلى خارج أراضيه، أي إلى بلدان مغاربية وأوروبية، بفضل هذه الخدمة. والجدير بالذكر هو أن هذه الخدمة تُخزّن المعلومات في موقع تمتلكه شركة أن.أس.أو، ما يسمح للمخابرات الإسرائيلية بالحصول عليها. ومنذ سنة، أبلغت شركة واتس آب عدداً من مستخدمي خدمتها في المغرب أن شركة أن.أس.أو قامت بالتنصّت على اتصالاتهم، ما يعني أن المخابرات المغربية، التي تستخدم تطبيقات الشركة المذكورة، تجسّست عليهم. وقد عمد 9 من هؤلاء الى رفع دعوى قضائية بسبب ذلك لم تفضِ إلى نتيجة. قضية الصحافي عمر راضي أتت في سياق مماثل. لقد تمّ التجسّس عليه واعتقاله ردّاً على تحقيقاته حول قضايا الفساد، وتمّ تلفيق تهم له، تماماً كما جرى مع سليمان ريسوني، رئيس تحرير أخبار اليوم، الصحيفة الوحيدة التي لا تُروّج للخطاب الإعلامي للنظام. النمط الجديد من القمع في المغرب هو تلفيق التهم للمناضلين والإعلاميين الأحرار، لا اعتقالهم بسبب مواقفهم وممارساتهم الفعلية، لأن ذلك كان سيؤدّي إلى تعاطف واسع في أوساط الرأي العام معهم".
يرى سيون أسيدون أن لجوء النظام المغربي إلى ربط موافقته على التطبيع بالحصول على اعتراف أميركي بمغربية الصحراء يهدف إلى "تخوين أيّ طرف سياسي يعترض على التطبيع من منظور ما يُقدّمه على أنه مصلحة وطنية للمغرب من جهة، ولتبرير قمع أيّ احتجاج على هذه الخطوة من قِبَل الجهات المناهضة لها من جهة أخرى. هذه الجهات، وهي أحزاب سياسية ونقابات وهيئات حقوقية ومجتمعية، مدركة لخطورة ما يجري، ولتداعياته السلبية عليها. هناك اليوم ما يشبه الجبهة العريضة للتصدّي للقمع وانتهاكات حقوق الإنسان التي تطالها بمجملها. تجتمع هذه القوى أيضاً في دفاعها عن القضية الفلسطينية. ونظراً إلى الأوضاع المستجدّة، الناجمة عن دخول النظام المغربي في حلف عسكري مع الكيان الصهيوني وتحت الوصاية الأميركية، فإننا ندخل مرحلة جديدة من نضالنا من أجل نصرة القضية الفلسطينية تتطلّب تحديد خطّ فاصل واضح بين حلفاء المشروع الصهيوني، والمقاومين للتطبيع مع محتلّي فلسطين".

أحد مؤسّسي «حركة مقاطعة إسرائيل» في المغرب

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا