الحسكة | ينتظر أبو أحمد، أحد سكّان الحسكة، يومياً عند منتصف الليل، موعد التغذية الكهربائية، في حيّ الصالحية في مدينة الحسكة، ليبدأ رحلة تعبئة خزّانه المنزلي بالمياه، من البئر «المالحة»، بعد أن أصبحت مصدراً شبه بديل للمياه أخيراً. يقول أبو أحمد لـ»الأخبار» إن «غالبية سكّان الأحياء اشتركوا في تجهيز عدد من الآبار المالحة في ساحات المنازل، لتوفير المياه بعد أن اعتادوا سيناريو قطع الوارد المائي من محطّة مياه علوك في ريف رأس العين». ويصف الرجل الخمسيني ما يحصل مع سكان الحسكة بـ»جريمة الحرب عبر حرمان السكّان من المياه، التي تعدّ أبسط مقومات الحياة»، معتبراً أن «انتشار خزانات كبيرة أسهم في توفير مياه الشرب والاستهلاك في بعض الأحياء، لكن آخرين اضطروا إلى شراء المياه من الصهاريج الخاصة أو عبوات المياه المعدنية الغالية».ويرى أبو حسين، الذي انتهى للتوّ من تعبئة عدد من العبوات البلاستيكية من مياه الصهاريج، بدوره، أن «الأهالي يثقون فقط بالحكومة السورية في إيجاد مصادر مياه بديلة أو رديفة لمحطّة علوك، تمنع استخدامها كورقة ضغط على السكان والحكومة من جديد». ويلفت إلى أن «الأهالي يسمعون في نشرات الأخبار أن الحكومة تعمل على حفر آبار لإرواء السكان، لكنهم لم يشاهدوا شيئاً من هذا حتى الآن»، مطالباً بـ»حفر آبار ووضع محطّات تحلية ودعم المؤسسات الحكومية في المحافظة بصهاريج للمساعدة في تلبية حاجة السكان من مياه الشرب، في حال تكرّرت المشكلة». وتُواجه الجهات المحلية الحكومية صعوبة في توفير المياه بالصهاريج للأهالي، بسبب تعرّض الآليات الحكومية كافة للسرقة والنهب والاستيلاء من قِبَل الجماعات المسلحة التي تعاقبت على السيطرة على مدن المحافظة وأريافها. وفي هذا الإطار، يوضح مصدر حكومي في الحسكة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «وجود الاحتلال الأميركي وقسد في مناطق واسعة من المحافظة يجعل إمكانية إعادة تأهيل خطّ مياه الفرات من بلدة الصور في ريف دير الزور، أمراً غير ممكن في الظروف الحالية». ويضيف أن «وجود قاعدة للاحتلال الأميركي في منطقة قريبة من محطة الحمة يمنع الاستفادة من مياه السدّ الغربي، خاصّة بعد منع قسد العمّال الحكوميين من العمل في المحطّة أخيراً». ويشير إلى أن «محطّة علوك باتت المصدر المائي الوحيد القادر على توفير المياه بغزارة، في ظلّ محدودية مصادر المياه في المحافظة».
عقد الجانب الروسي سلسلة اجتماعات مع الأتراك بهدف إيجاد حلول للأزمة


وعملت الجهات الحكومية، خلال الأزمات الـ17 لانقطاع المياه، على الاستفادة من الدعم الدولي المقدّم للهلال الأحمر السوري، لوضع خزّانات بسعة 5 أمتار مكعّبة في مختلف أحياء المدينة، لسدّ حاجة السكّان من مياه الشرب في حالات توقف الوارد المائي من «علوك». وفي هذا السياق، تفيد مديرة مشروع المياه في الهلال الأحمر في الحسكة، نورا عبد الوهاب، في تصريح إلى «الأخبار»، بأن «الهلال الأحمر يوفّر يومياً 750 ألف متر مكعّب من المياه الصالحة للشرب، تجري تعبئتها في 150 خزان مياه، تمّ توزيعها في الأحياء والمدارس في المدينة». وتؤكد عبد الوهاب أنه «في حال استمرار خروج محطّة علوك من الخدمة، فسيتمّ رفع مستوى الاستجابة، وزيادة عدد الخزانات، لتوفير أكبر كمّية ممكنة من المياه لسدّ حاجة السكان في المنطقة».
وخرجت محطّة علوك من الخدمة في الـ20 من الشهر الفائت، بعد استجرار الجيش التركي والمجموعات المسلّحة التابعة له كمّيات كبيرة من الكهرباء على خطّ الكهرباء المغذّي للمحطة، ما أدّى إلى انخفاض الجهد الكهربائي للخطّ، وخروجه من الخدمة. ومع دخول أزمة المياه يومها السابع والعشرين، أبلغت مصادر موثوقة، «الأخبار»، أن «الجانب الروسي عقد سلسلة اجتماعات مع الأتراك، بهدف إيجاد حلول لأزمة مياه الشرب في الحسكة، وانقطاع الكهرباء عن رأس العين وتل أبيض وأريافهما». ووفق المصادر، فإن «الجانبين توصّلا إلى اتفاق يقضي بإزالة التعدّيات على خطّ الكهرباء المغذّي لعلوك، مقابل زيادة الكمّية المخصّصة من الكهرباء لمدينتَي رأس العين وتل أبيض من محطة مبروكة». وبيّنت المصادر أنه «بموجب الاتفاق، سيسمح الجانب التركي اليوم بدخول ورشات الكهرباء والمياه الحكومية إلى محطّة علوك ومعاينتها وإزالة التعدّيات على خطّ الكهرباء المغذّي لها، كخطوة أولى لإعادة ضخ المياه من المحطّة». واعتبرت أن «عودة المياه إلى المدينة ستتوقف على التزام كلّ من الجانب التركي والإدارة الذاتية بتعهّداتهما لإنهاء الأزمة الحالية».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا