السليمانية | تشهد محافظة ومدينة السليمانية استنفاراً أمنياً وانتشاراً للقوات الأمنية المحلية (الأسايش)، والتي منعت الدخول إلى المدينة والخروج منها، على إثر دعوات «جمعة التضامن والاستمرار»، والتي أطلقها ناشطون على منصّات التواصل الاجتماعي تنديداً بمقتل عدد من المتظاهرين خلال الأيام القليلة الماضية. اللافت في تلك الدعوات أنها صدرت عن ساسة ونواب سابقين وأساتذة جامعيين وكتّاب صحافيين، ولم تقتصر على الناشطين المدنيين فقط. كما يلفت أن جميع هؤلاء تعهّدوا بعدم الترشّح في أيّ انتخابات مقبلة، أو تسنّم منصب مستقبلاً. وتجدّدت الدعوات إلى الاحتجاج على إثر اعتقال 400 شخص خلال الساعات الـ24 الأخيرة في مركز المدينة ونواحيها، كما تقول سروة عبد الواحد، النائبة سابقاً في البرلمان العراقي وشقيقة المعارض الكردي الأبرز شاسوار عبد الواحد، زعيم «حراك الجيل الجديد». ومن ضمن المعتقلين نائبان سابقان في «برلمان كردستان»، متّهمان بالتحريض على التظاهر من دون موافقات أمنية، باتت شرطاً لازماً لدى سلطات السليمانية، المذعورة من إمكانية تكرّر الصدامات بعد أسبوع دامٍ سقط فيه 9 ضحايا وأصيب العشرات، علاوة على عمليات حرق المقارّ الحزبية التي أمسى على إثرها «حزب العمال الكردستاني» (PKK) موضع اتهام من قِبَل «الحزب الديمقراطي الكردستاني» و«الجماعة الإسلامية». وبقدر ارتباط الاحتجاجات الأخيرة بعفوية الغضب الشعبي، فإن لبعض الأحزاب والقوى السياسية المعارضة دوراً نسبياً في تحريكها وتأجيجها، كلّ لمآربه الخاصة، وهذا ما بدا جلياً على لسان «أمير الجماعة الإسلامية»، علي بابير، خلال حديثه عن حرق ونهب المقارّ الحزبية والمكاتب الحكومية على يد «ملثمين مجهولين يدفع بهم حزب سياسي».
في غضون ذلك، يواصل «الثنائي الحاكم»، «الحزب الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، إضافةً إلى «حركة التغيير» (كوران)، استعجال نتائج المفاوضات مع بغداد، على أمل تهدئة الشارع المحتجّ عبر إنهاء تأخير صرف الرواتب وإيقاف الاستقطاعات منها. إذ عقد وفد حكومة «الإقليم» برئاسة نائب رئيس الحكومة قوباد طالباني، فور وصوله إلى بغداد، اجتماعاً مع وزيرَي المالية والنفط الاتحاديَّين، أكد خلاله «موقف الحكومة الثابت بالالتزام بقانون تمويل العجز المالي (الاقتراض) مقابل توفير المستحقات المالية للإقليم». كذلك، عقد الوفد اجتماعات منفصلة مع زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، وزعيم «تحالف الفتح» هادي العامري، وزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، وزعيم «ائتلاف النصر» حيدر العبادي.
تجدّدت الدعوات إلى الاحتجاج على إثر اعتقال 400 شخص خلال الساعات الـ24 الأخيرة


وتبدو المفاوضات بين بغداد وأربيل على طريق التقدّم، مدفوعة بمرونة طرأت على موقف حكومة «الإقليم» بفعل الاحتجاجات، إضافة إلى دخول واشنطن على الخطّ في محاولة منها لحلّ الخلاف الذي قد يؤثر سلبياً على حليفتَيها. وفي هذا الإطار، أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر، التزام بلاده بتوطيد علاقاتها مع العراق و«الإقليم» على حدّ سواء، وفضّ الخلافات بينهما. كما أبدت بريطانيا، بعد أيّام قليلة من طلب أربيل «رقابة أميركية» على المفاوضات، عن استعدادها لتولّي هذه المهمة، شريطة موافقة الطرفين. ودعت كلّاً من الطرفين إلى تفهّم ظروف الآخر، قائلة إنه «على حكومة بغداد أن تعي أن حكومة إقليم كردستان بحاجة إلى الأموال، وكذلك على إقليم كردستان أن يدرك أن هناك أموالاً أقلّ بسبب انخفاض أسعار النفط».
وفي وقتٍ متأخر من مساء أمس، أعلن عضو «اللجنة المالية النيابية» في البرلمان العراقي، فيصل العيساوي، عقد اجتماع «جيّد للغاية» مع وفد «الإقليم»، معلناً إرسال مبلغ الـ320 مليار دينار إلى أربيل في غضون اليومين المقبلين. وقال العيساوي إن «الاجتماع كان إيجابياً جدّاً وصريحاً، وكلّ الأطراف تسعى لمعالجة الخلافات بشرط التزام الجميع».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا