الخرطوم | يجد كيان «الأنصار» - الذراع الدينية لحزب «الأمة» -، وأعضاء الحزب، أنفسَهم في مواجهة مهامّ مستعجلة، بعد وفاة رئيس الحزب و«إمام الأنصار»، الصادق المهدي. وهي مهامّ يتمثّل أهمّها في اختيار مَن سيخلُف الراحل على «إمامة الأنصار»، وأيضاً على كرسيّ رئاسة الحزب؛ إذ إن الجمع بين المنصبين في عهد ما بعد الصادق يبدو غير مقبول لدى تيّار عريض من «الأنصار». وشَيّع الآلاف، أمس، آخر رئيس وزراء منتخب، بعدما توفّي عن عمر يناهز 84 عاماً إثر إصابته بفيروس «كورونا»، ليُعلَن الحداد وتنكيس الأعلام في البلاد لمدّة ثلاثة أيام. وفور الفراغ من مراسم التشييع، بدأت تتزاحم الأسئلة في شأن مستقبل الحزب. ووفق مصدر مطّلع، فإن الجمع بين «الإمامة» ورئاسة الحزب لم يكن معمولاً به في عهد «الأئمة» الذين سبقوا الصادق المهدي، الذي أجاز في عهده الجمع بين المنصبين كنوع من التطوير في نهج الحزب. وأضاف المصدر، في تصريح إلى «الأخبار»، أن التغيير الذي أعقب «الحراك الثوري» لن يجعل من المقبول الجمع مجدّداً، متابعاً أن «هناك حراكاً قوياً يقوده شباب الأنصار يدعو إلى التغيير، وأبرز وجوهه فكّ الارتباط بين القيادة الدينية والقيادة السياسية، والعودة إلى النظام القديم حيث كان إمام الأنصار بمثابة راعٍ للحزب، ولا يمتلك مهامّ تنفيذية فيه». واعتبر أنه «في حال ذهبت الإمامة إلى أحد أبناء الصادق المهدي، فإن رئاسة الحزب يجب أن تخرج من بيت الصادق».
وكان الزعيم الراحل عمل على تطوير «هيئة شؤون الأنصار»، الذراع الدينية لحزب «الأمة»، ورافدته من قواعد الجماهير، بحيث أضحت مؤسّسة لها نظام أساسي. ووفق المحامي والي الدين الجرح، أحد شباب الأنصار، الذي تحدّث إلى «الأخبار»، فإنه بعد انتخاب الصادق في عام 2002 رئيساً للحزب، أُقرّ نهج جديد لـ«الإمامة» يقوم على الانتخاب أيضاً، وبالفعل، تمّ انتخاب الصادق في مؤتمر عام لـ«الأنصار» في عام 2002 كـ«إمام». إذاً، وبحسب ما أرساه الراحل، فإن «الإمامة» يفترض أن تُحسم بواسطة الانتخاب، بعد أن كانت قائمة على التوريث. لكن وفقاً لمحلّلين، فإنه حتى لو تمّ الأمر بالانتخاب، فإن هناك إجماعاً روحياً ودينياً وسط «الأنصار» على أن يكون «الإمام» من آل المهدي. وبحسب مصدر مطّلع، فقد يبرز اسم أحمد المهدي، عمّ الصادق المهدي، وهو في العقد الثامن من عمره، كأحد المرشّحين لكرسي «الإمامة». إلا أن الأوفر حظّاً لخلافته في هذا الكرسي يظلّ ابنه، الصدّيق، المسؤول عن المؤسسات الاقتصادية في الحزب. وطبقاً لمصدر مطّلع، فإن الصدّيق يتمتّع بقاعدة كبيرة وسط «الأنصار»، وهو قريب من وجدانهم، وذلك على الرغم من ظهور شقيقه الأكبر عبد الرحمن ممتطياً صهوة جواد والده أثناء مراسم التشييع، ما أوحى لدى كثيرين بأنه سيرث والده في كرسي «الإمامة»، غير أن تاريخ الرجل السياسي وتقلّده عدّة مناصب في النظام السابق جعلا حظوظه تتراجع وسط «الأنصار».
بعد انتخاب الصادق رئيساً للحزب، أُقرّ نهج جديد لـ«الإمامة» يقوم على الانتخاب أيضاً


أمّا بخصوص الرئاسة، فإن مؤسسات «الأمة» المنتخَبة كفيلة بتسيير شؤون الحزب إلى حين قيام المؤتمر العام، وفق نائب رئيس «الأمة»، إبراهيم الأمين، الذي يؤكد «(أننا) نتمسّك بمؤسّسات الحزب بقوة، نحن نعتمد على الجماهير، والشخص الذي تُقدّمه الجماهير في المؤتمر العام سنُسلّم له»، موضحاً أنه «لا يوجد شخص بعينه الآن». وظلّ الصادق المهدي، أثناء جولاته في الولايات بعد إطاحة نظام عمر البشير، يبشّر بالمؤتمر العام الرابع للحزب، والذي من ضمن مهامه انتخاب الرئيس. وكان آخر مؤتمر عام لـ«الأمة» عُقد في عام 2003، حيث أعيد انتخاب الصادق المهدي رئيساً، وأربعة نواب له هم فضل الله برمة ناصر، إبراهيم الأمين، صديق إسماعيل، وابنة الراحل مريم الصادق المهدي. والأخيرة يبدو أن تواصلها غير الفعّال مع القواعد قد يُقلّل من حظوظها في تولّي رئاسة الحزب خَلَفاً لوالدها، وذلك وفق مصدر مطّلع. كما أن قواعد الحزب الأساسية قد تحرمها من تولّي رئاسة «الأمة» وإن بصورة مؤقتة؛ إذ إنه لا يجوز تصعيد أيّ من النواب لتولّي الرئاسة، بل تستمرّ المؤسسات في عملها إلى حين انتخاب الرئيس عبر المؤتمر العام أو عبر الهيئة المركزية في حال تعذّر انعقاد المؤتمر العام.
في المقابل، قد يبرز اسم نائب رئيس الحزب، إبراهيم الأمين، المعروف بوسطيّته كأحد المرشحّين للرئاسة، مثلما قد يبرز أيضاً اسم مبارك الفاضل رئيس حزب «الأمة الإصلاح» المنشقّ عن «الأمة»، والذي تبدو حظوظه كبيرة في ظلّ الدعوات إلى توحيد جميع الكيانات التي انشقّت عن الحزب الأمّ في أوقات سابقة، فضلاً عن حنكة الرجل السياسية والتي قد تُؤهّله لتولّي المنصب. أمّا الأوفر حظاً، والذي ستوفّر له خبرته ودرايته بمؤسسات الحزب دعماً كبيراً من القواعد، فهو رئيس المكتب السياسي لـ«الأمة»، محمد المهدي حسن، الذي أتى من خارج البيوت التاريخية لآل المهدي، كونه من عامة «الأنصار»، وتدرّج في الحزب إلى أن وصل إلى منصبه الحالي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا