الحسكة | تشهد مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية» الكردية في شمال شرق سوريا تصاعداً ملحوظاً في أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، مع تزايد المخاوف الشعبية من توسّع رقعة تفشّي المرض، وفقدان السيطرة عليه. ومع خروج معظم المشافي والمراكز الطبية والمستوصفات عن سيطرة الحكومة في تلك المناطق، وتدمير جزء كبير منها بقصف طائرات «التحالف الدولي»، باتت الخدمات الطبية شبه معدومة، ما قد ينذر بكارثة صحية. وتُظهر الإحصاءات الصادرة عن «هيئة الصحة في الإدارة الذاتية» ارتفاعاً واضحاً في نسبة الإصابات خلال الشهر الأخير، مع البدء بتطبيق إجراءات خاصّة للحدّ من هذا الارتفاع. ووفقاً للإحصاءات، فقد تمّ خلال شهر واحد فقط تسجيل ضعف ما سجّلته تلك المناطق منذ بدء ظهور الفيروس في نيسان/ أبريل المنصرم. وكانت مناطق «الذاتية» سجّلت، ما بين نيسان/ أبريل ومطلع تشرين الأول/ أكتوبر، 1680 إصابة و67 حالة وفاة، ليرتفع الرقم إلى 5247 إصابة و135 وفاة مطلع الشهر الحالي. ويشكّك «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض في هذه الإحصاءات، مؤكداً أن الأرقام الحقيقية هي أكبر بكثير، وأن ثمّة تفشّياً كبيراً للفيروس، خاصة في عين العرب (كوباني). وينقل «المرصد» عمّا يسمّيها مصادر طبّية موثوقة أن «عدد الإصابات في مناطق «الذاتية» فاق 20 ألف إصابة مؤكدة، توفّي منها 605 على الأقل، وشفي 1900». ويُبيّن أن «الإصابات تركّزت في عين العرب التي سَجّلت أكثر من 6200 إصابة، مع تسجيل أكثر من 13500 إصابة في الحسكة والرقة ودير الزور وأريافها». ويصف واقع القطاع الصحي في مناطق «الذاتية» بـ«المأساوي والكارثي، مع عدم القدرة على إجراء فحوصات ومسحات لحاملي الأعراض بالفيروس، وتسجيل عشرات حالات الوفيات لعدم توفر الرعاية الطبية اللازمة».
سَجّل عدّاد الإصابات خلال شهر واحد ضِعف ما سجّله منذ بدء ظهور الفيروس


وكانت «الإدارة الذاتية» عمدت إلى اتخاذ إجراءات، من بينها فرض الحظر الجزئي أو الكامل على بعض المناطق، في محاولة للحدّ من انتشار الفيروس، لكنها لم تلقَ التجاوب المطلوب من السكان. وفرضت «الذاتية»، في 29 تشرين الأول/ أكتوبر، حظراً جزئياً على كامل مناطق سيطرتها في سوريا، يبدأ ابتداءً من الساعة الثالثة بعد الظهر وحتى ساعات الصباح، لكنه بقي خارج التطبيق. كما أقرّت «فرض الإغلاق التام لناحية المالكية وبلداتها في ريف الحسكة لمدة 14 يوماً، ابتداءً من يوم الجمعة الفائت، بسبب نسبة الإصابات العالية فيها». وتفيد مصادر أهلية من المالكية، تواصلت معها «الأخبار»، بأن «اليوم الأول شهد التزاماً شبه تامّ من السكان»، لافتةً إلى أن «حالة قلق وخوف كبيرة يعيشها الأهالي، في ظلّ تسجيل وفيات يومية في صفوفهم، وظهور أعراض الفيروس على عدد كبير منهم». وتعتبر المصادر أن «تهاون «الذاتية» في تطبيق إجراءات الحظر الجزئي أدى إلى ارتفاع تدريجي في أعداد الإصابات». وتواجهُ «الذاتية» صعوبة في تطبيق إجراءات الحظر بسبب الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يعيشه السكان، وحاجتهم إلى العمل اليومي لتأمين متطلّبات معيشتهم، في ظلّ استمرار الحصار والعقوبات الأميركية والغربية على البلاد. كما أن انعدام الخدمات الطبية يهدّد بكارثة صحية محدقة بعشرات الآلاف، في حال الاستمرار في تسجيل أعداد عالية من الإصابات والوفيات.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا