بالتوقيع النهائي على "اتفاق السلام الشامل" بين حكومة السودان الانتقالية و"الجبهة الثورية"، قبل أيام في عاصمة جنوب السودان جوبا، يكون عدّاد الفترة الانتقالية قد تمّ تصفيره؛ إذ نصّت بنود الاتفاق على أن تكون مدّة تلك الفترة 39 شهراً، تبدأ من تاريخ التوقيع النهائي عليه، ما يعني أن فترة رئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان لـ"مجلس السيادة" سيتمّ تمديدها، بعد أن كان قد تَبقّى له بضعة أشهر وفق الوثيقة الدستورية. وقال البرهان، في كلمته بالمناسبة، إن "أكثر ما يضمن نجاح هذه الوثيقة أنها مسنودة بنضال الشعب السوداني"، مؤكداً "الحرص على تنفيذ ما تمّ التوصل إليه في كلّ المسارات، من حيث الترتيبات الأمنية والقضايا القومية والسياسية"، مضيفاً أن "نتائج هذا الاتفاق ستكون سنداً ودعماً للفترة الانتقالية، وستضخّ دماء جديدة ورؤى وطنية تساعد على تحقيق الانتقال السلس نحو دولة المواطنة".وبناءً على ذلك، سيطرأ على الوثيقة الدستورية العديدُ من التعديلات لتضمينها "اتفاق جوبا". وبحسب مراقبين، سيتمّ إجراء تعديلات واسعة في هياكل الحكم والمناصب الدستورية، خصوصاً لجهة حلّ مجلس الوزراء، وإحداث تغيير في المكوّن المدني في "مجلس السيادة"، وتشكيل المجلس التشريعي بصورة فورية لإجازة الاتفاق وإدراجه في الوثيقة الدستورية.
وباكتمال مراسم التوقيع، تبدأ مرحلة جديدة في تاريخ السودان السياسي، عنوانها الأبرز خفوت صوت البنادق في مناطق الصراع: دارفور، النيل الأزرق، جنوب كردفان، بعد أن ظلّت الحركات المسلحة ترفع سلاحها في وجه الحكومات المركزية المتعاقبة، وتُقاتلها من أجل الاستجابة لمطالبها الرئيسة المتمثلة في تقسيم الثروة والسلطة بعدالة بين مكوّنات المجتمع السوداني كافة.
سيتمّ، بموجب «اتفاق جوبا»، تمديد فترة رئاسة البرهان لـ «مجلس السيادة»


وتجري محاولات حثيثة من قِبَل الوسيط الجنوبي وبعض الوسطاء الآخرين لإلحاق آخِر فصيلين بـ"اتفاق جوبا"، وهما "الحركة الشعبية - شمال" برئاسة عبد العزيز الحلو، و"حركة تحرير السودان" بقيادة عبد الواحد نور. وحثّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في خطاب مُسجّل بُثّ في بداية حفل التوقيع، الحركتين المذكورتين على "استعجال اللحاق بعملية السلام، تحقيقاً لتطلّعات الشعب السوداني"، مؤكّداً دعم المنظمة الدولية للاتفاق والحكومة الانتقالية "لإنجاز السلام ومتطلّبات التحوّل الديمقراطي".
وسيعمل طرفا الاتفاق على بدء تنفيذ بنوده فوراً من الخرطوم وليس من جوبا، وفق ما تعهّدا به في أوّل اجتماع لهما عقب التوقيع. وأشار المتحدث باسم وفد الحكومة في المفاوضات، محمد حسن التعايشي، في تصريحات صحافية عقب الاجتماع المذكور، إلى أن "الأولوية الأساسية أمامهم الآن هي إدراج اتفاقية السلام في الوثيقة الدستورية، وتشكيل آلية عليا لمراقبة تنفيذها"، لافتاً إلى "أهمية البدء بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، حتى يتأكد الجميع أن الحرب قد توقفت، وبدأت مرحلة تكوين المؤسسات المتّفق عليها: مجلس الوزراء، مجلس السيادة، والمجلس التشريعي، والتوسّع فيها لاستيعاب مكوّنات الحركات الموقعة على الاتفاق". من جهته، أعلن رئيس "الجبهة الثورية"، الهادي إدريس، أن مكوّنات "الجبهة" ستصل إلى الخرطوم خلال أقلّ من أسبوعين لبدء تنفيذ الاتفاق.
وينصّ "اتفاق جوبا" على تشكيل "مفوضية السلام"، وإنشاء آلية مراقبة وتقييم للاتفاق. كما ينصّ على إنشاء "مفوضية العدالة الانتقالية" خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التوقيع النهائي، وإنشاء "المفوضية القومية" لتقسيم وتخصيص ومراقبة الموارد والإيرادات المالية، وذلك خلال تسعين يوماً من التوقيع.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا