عمّان | لم يتأخّر السفير الأميركي الجديد في الأردن، هنري ووستر، الذي وصل المملكة في السابع عشر من آب/ أغسطس الماضي، في فتح ملفّ الأسيرة المحرّرة أحلام التميمي. فبالتزامن مع ترشيح ووستر لمنصب سفير فوق العادة لدى عمّان، قدّم شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي في حزيران/ يونيو المنصرم، لينتشر على نطاق واسع ردّه على السيناتور تيد كروز بخصوص التميمي، التي أثيرت قضيتها بتجديد بعض النواب مطالبتهم بتسليمها لواشنطن عبر رسالة مباشرة إلى السفارة الأردنية هناك. قال ووستر، آنذاك، إن لدى بلاده «خيارات متعددّة وأنواعاً مختلفة من النفوذ لتأمين تسليم أحلام عارف أحمد التميمي».ومع أن ردود ووستر اتّسمت بالتوازن، سواءً خلال حديثه عن أهمية الدور الأردني أم الاستمرار في تقديم الدعم إلى المملكة (يعود ذلك إلى خبرته الطويلة في السفارة الأميركية بصفته قائماً بالأعمال طوال عامين بقي فيهما منصب السفير شاغراً)، فإن قضية التميمي بالذات كانت مختلفة. ومع أنه طُرحت تساؤلات عن طبيعة الضغوط على المملكة لتسليمها، خاصة مع غياب بند قانوني أردني يسمح بذلك، كتب ووستر: «سنواصل إشراك المسؤولين الأردنيين على جميع المستويات، ليس في شأن هذه القضية فقط (التميمي)، بل في شأن معاهدة تسليم المجرمين على نطاق أوسع». وأضاف: «كرم الولايات المتحدة للأردن في التمويل العسكري الأجنبي، وكذلك الدعم الاقتصادي والمساعدات الأخرى، تتمّ معايرته بعناية لحماية وتعزيز مجموعة المصالح الأميركية في الأردن والمنطقة». والجملة الأخيرة تشير مباشرة إلى المساعدات الضخمة التي تتلقاها عمّان سنوياً بمبلغ يتجاوز 1.3 مليار دولار.
يتزامن الضغط على عائلة التميمي مع تعيين السفيرين الأميركي والإسرائيلي على التوالي


لذلك، يبدو أن الأردن قد اختار طريقة غير مباشرة لإخراج التميمي والتهرّب من الضغوط في شأنها، إذ عمد إلى وقف تجديد الإقامة لزوجها، الذي وصف القرار بالمفاجئ، ولا سيما مع وجود مطلب أميركي رسمي بتسليم زوجته، ولذلك يرى في ترحيله ضغطاً مباشراً على أحلام. وقال نزار، وهو أيضاً أسير محرّر، «كان من الأوْلى أن تتحمّل الجهات التي طالبت بمغادرتي مسؤولياتها تجاه المواطنة الأردنية وتوفر الحماية لها ولأسرتها، وتبقى مصرّة على القرار القانوني الذي صدر سابقاً بالرفض القاطع لتسليمها». أما أحلام، فناشدت الملك عبد الله الثاني التدخل لحلّ مشكلة ترحيل زوجها، الذي بدا مفهوماً توجّهه الخميس الماضي إلى قطر بحكم التقارب القطري - "الحمساوي".
داخلياً، لا تبدو هذه القضية محطّ اهتمام الرأي العام مع الانشغال بتفشّي فيروس «كورونا» في البلاد وتدهور الوضع الاقتصادي، بالتوازي مع إعلان أسماء مجلس الأعيان الجديد (مجلس الملك) واقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي سيشارك فيها هذه المرّة «الإخوان المسلمون» (بعدما وصلهم تنبيه شديد اللهجة في هذا الشأن) والأحزاب القومية واليسارية المعارضة، فضلاً عمّا يترتب على تقديم الحكومة الأردنية استقالتها استعداداً لتسمية رئيس وزراء جديد، بعد إعلان نتائج المرشّحين. يأتي ذلك أيضاً وسط التطوّرات الإقليمية وردود الفعل على التطبيع الخليجي العلني، الذي تصادف مع تعيين «سلس» لسفير إسرائيلي جديد لدى عمّان نهاية الشهر الماضي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا