بغداد | في ظلّ الاستهداف شبه اليومي لقوافل الدعم اللوجستي التابعة لـ«التحالف الدولي» في عدد من المحافظات الجنوبية، التأم، مطلع الأسبوع الجاري، اللقاء الدوري للرئاسات الثلاث وقادة الأحزاب والقوى، والذي غاب عنه زعيما «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، و«تحالف الفتح» (تكتّل القوى المؤيّدة لـ«الحشد الشعبي») هادي العامري. في اللقاء، نقل الرئيس العراقي، برهم صالح، عن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، تحذيره من استمرار استهداف السفارة الأميركية والمرافق الدبلوماسية الأخرى وقوافل الدعم اللوجستي، وتلويحه بأن الرئيس دونالد ترامب «يدرس جدّياً قرار إغلاق السفارة في بغداد، وهو جاهزٌ لتنفيذ ذلك»، وبأن قراراً مماثلاً من شأنه أن يطلق «عمليات تصفية ضدّ كل متورّط في استهداف قواتنا». ووفقاً لمصادر سياسية شاركت في الاجتماع، فإن صالح نقل عن بومبيو، أيضاً، أنه خصّ بالذكر كُلّاً من «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» (بزعامة قيس الخزعلي). وتضيف المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن الوزير الأميركي وصف تبعات إغلاق السفارة بـ«السلبية جدّاً على العراق ومستقبله»، وختم بالقول إن «هذا تحذيرٌ أخير إلى الحكومة للعمل بشكل جدّي لردع هذه الجهات الإرهابيّة».
تتعزّز فرضية وقوع اشتباك سياسي بين الصدر وعددٍ من الفصائل في الأسابيع المقبلة

كلام بومبيو كان وقعه كبيراً على صالح وشريحة من الأحزاب والقوى، فضلاً عن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، المتمسّك بالغطاء الأميركي - الإيراني الممنوح لحكومته، والذي يرفض أيّ تشويش على خطواته، وتحديداً تلك المتعلّقة بتحييد البلاد عن الاشتباك بين واشنطن وطهران. أمّا حلفاء إيران فانقسموا بين مَن شارك في الاجتماع لإحراج الكاظمي بسؤاله عن «تنفيذه القرار البرلماني الملزم للحكومة بجدولة انسحاب قوات الاحتلال الأميركي»، ومَن رفض المشاركة، كـ«الفتح» اعتراضاً منه على «خطوات الكاظمي وقراراته»، في موقف شاطره فيه رئيس الوزراء الأسبق المالكي، الذي التمس من المعنيّين في طهران، بُعيد زيارته الأخيرة إلى العاصمة الإيرانية، رفضهم أيّ تدخل في الشأن العراقي. على أن القوى المحسوبة على إيران، من قادة فصائل المقاومة، رفضت، من جهتها، أيّ استهداف للبعثات الدبلوماسية ومقارّها، في موقف يدفع بالمشهد نحو مزيد من التعقيد، شأنه شأن ما يُنقل عن بعض الدوائر في طهران من رفض قاطع لما يجري في الميدان، على اعتبار أن إيران تنحو الآن - بحسب حديث تلك الدوائر - إلى الخيار الدبلوماسي، في ترقّب لنتائج الحوار الاستراتيجي العراقي – الأميركي، قبل اتخاذ موقف استناداً إلى مخرجاته.
إذاً، ما من اهتمام جدّي، لدى الكثيرين في بغداد، بشخص الفاعل، بقدر الخوف من تداعيات أفعاله، وهذا هو موقف أغلبية سياسيّي «البيت الشيعي»، كزعيم «التيّار الصدري»، مقتدى الصدر، الذي جدّد، في بيان أمس، تمسّكه بالحوار الاستراتيجي، الأمر الذي قد يعزّز احتمال وقوع اشتباك سياسي بينه وبين عدد من الفصائل، في الأيام المقبلة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا