بعد إعلان البحرين والإمارات عن تطبيع علاقاتهما مع الكيان المُحتلّ، تتّجه الأنظار إلى البلدان الخليجية الأخرى المُتوقع سيرها في قطار التطبيع على المستوى الرسمي، ومنها سلطنة عُمان، التي رحّبت عبر وزارة خارجيتها بالاتفاقين التطبيعييْن. لكن الشعب العماني سارع للتعبير عن رفضه للتطبيع. أطلق آلاف المغردين وسم #عمانيون_ضد_التطبيع. كما نشر عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية مواقف مناهضة للتطبيع غير آبهة باحتمال تعرض أصحابها للاعتقال أو المضايقات من السلطات. ومن منتقدي ترحيب الحكومة العمانية بالتطبيع الصحافي خالد الخوالدي الذي اعتبر في مقال نشرته صحيفة «الرؤية» أنّ قرار تأييد التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي الصادر من وزارة الخارجية العمانية «لا يُمثلنا كشعب عُماني وإنّما يمثل الموقف الرسمي للدولة».
وفي مبادرة لافتة، أعدّ مجموعة من الشباب بجهود فردية فيديو توعوياً تحت عنوان «أنا ضد التطبيع»، تم تداوله بشكل واسع، أطلقوا من خلاله مواقفهم المناهضة للتطبيع والمنطلقة من مركزية القضية الفلسطينية.
وشملت مواقف المشاركين في الفيديو التمسك بحق العودة إلى فلسطين من النهر إلى البحر واعتبار مقاومة اتفاقيات السلام واجباً أخلاقياً: «اتفاقيات السلام المزعوم لا تحقق السلام. السلام الذي يعيد أرض فلسطين إلى أبناء فلسطين والسلام الذي يعيد الحياة الآمنة والكريمة إليهم. لا شيء يبرر التطبيع لسنا مضطرين لذلك ولن نكون».
في حين قال أحد المشاركين الآخرين: «أنا ضد التطبيع حتى لا يسجل التاريخ أن هذا الجيل تخاذل عن القضية الرئيسَة للوطن العربي»، وأخرى تتخذ من القانون الدولي مرجعاً: «أنا ضد التطبيع لأن وفق القانون الدولي ليس لأحد الحق باغتصاب الأراضي وقتل وتهجير أهلها كما يزعم الصهاينة».
وفي حديث مع «الأخبار»، قال الكاتب والمغرّد مصطفى الشاعر إنّ الاستهجان الشعبي للاتفاق الثلاثي الإماراتي-الإسرائيلي-الأميركي يأتي «انطلاقاً من العلاقة الوثيقة والوجدانية مع القضية الفلسطينية التي تعتبرونها جزءاً محورياً من أي سياسة خارجية يتبنونها وحريصون كشعب ألا تمس».
الحملة التوعية ضد التطبيع لم تمرّ من دون مواجهة «سلطوية».
سارعت بعض الحسابات الكبيرة على تويتر، العائدة لبعض الشخصيات القريبة من مؤسسات الدولة، إلى خلق مبررات للأحداث كما يشير الشاعر، مؤكداً أن «آراء الناس أتت جداً سلبية، تماماً كما كانت حيال زيارة نتانياهو للبلاد عام 2018 والاتصالات السابقة بين السلطنة والكيان الصهيوني، رغم اعتقاد العمانيين أن ذلك يأتي ضمن عملية سياسية معقّدة».
ينطلق الشاعر من تلك المعارضة ليقول إنّ «حرية الرأي المتاحة في السلطنة مختلفة عن واقعها في دول الخليج بشكل عام، كاختلاف الداخل العماني في حيثياته عن الشارع الخليجي الآخر، فضلاً عن علاقة مسقط بطهران المتمايزة تماماً عن محيطها».
لم تغب المقاطعة كأحد أوجه المقاومة عن بال الشباب العماني الذي وجّه دعوات إلى الجهات المعنية وعموم العمانيين المناصرين لفلسطين وشعبها إلى مقاطعة الشركات الداعمة لـ«إسرائيل» وإنهاء عقودها على أرض السلطنة والبحث عن بدائل.
عُمان: التمهيد للتطبيع
من جهة أخرى، تداول ناشطون عُمانيون عبر مواقع التواصل، صوراً لبضائع مصنوعة في الأراضي المحتلة، تم ضبطها في ميناء صلالة الواقع في جنوب السلطنة، ما أجبر السلطات على تسطير محضر ضبط بحق مستوردها إلى البلاد.
ويتفاعل الرأي العام العماني منذ سنوات مع احتمال تطبيع سلطات بلاده مع دولة الاحتلال.
في عام 2018، أُطلق وسم #عمانيون_ضد_التطبيع على إثرها للمرة الأولى بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مسقط.
حينها، واجهت السلطات العمانية الناشطين الرافضين للتطبيع بحملة اعتقال، عملت من خلالها على إخفاء بعضهم قسراً دون عرضهم على محكمة، وذلك على خلفية منشورات لهم على منصات التواصل الاجتماعي.
يُذكر أنّ العلاقات العلنية غير الرسمية بين عُمان ودولة الاحتلال تعود إلى عام 1994 على الأقل، عندما استقبل السلطان قابوس بن سعيد رئيس وزراء الكيان حينها إسحق رابين.