القاهرة | احتفلت أجهزة الأمن المصرية بالقبض على القائم بأعمال مرشد «جماعة الإخوان المسلمون»، محمود عزت، من داخل إحدى الشقق السكنية في ضاحية التجمّع الخامس في العاصمة القاهرة، بعد سبع سنوات من اختبائه، وهو القيادي المحكوم عليه غيابياً بالإعدام مرّتين وبالمؤبّد ثلاث مرات، علماً بأنها أحكام سيعاد النظر فيها جميعاً بعد اعتقاله، وفق البيان الرسمي لوزارة الداخلية. ويُعدّ عزت من أهمّ قيادات الجماعة المطلوبين، وقد دارت روايات كثيرة - قبيل اعتقاله في ساعة مبكرة من صباح أمس - حول انتقاله إلى غزة ومنها إلى تركيا، في ظلّ حرص منه على تسجيل إطلالات إعلامية محدودة منذ عزل الرئيس الراحل محمد مرسي. لكن بيان توقيفه طرح تساؤلات أكثر مما وفّر إجابات عن الرجل الذي اتّهمه أعضاء في الجماعة بأنه متعاون مع الأمن وأسهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في تصفية غريمة محمد كمال على يد الدولة قبل أربعة أعوام، بالإبلاغ عنه؛ إذ، بعدما تعرّضت «الإخوان» لنكبة في الداخل المصري في أعقاب فضّ اعتصامَي رابعة والنهضة، وأوقفت قياداتها تباعاً، انقسمت الجماعة فعلياً إلى جناحين: الأول يتبع لعزت الذي كان يبحث عن التصالح مع النظام في البداية، والثاني لكمال الراغب في التصعيد. وحتى بعد مقتل الأخير، ظلّ عزت يلعب دوراً مهمّاً مع الدولة عبر وسطاء، في ظلّ أنباء مستمرّة عن وجوده في تركيا.بيان «الداخلية» اكتفى بتأكيد أن عملية القبض تمّت نتيجة معلومات وردت إلى «الأمن الوطني» عن مكان الرجل، ليصار بعدها إلى استئذان النيابة قبل دهم الشقة واعتقاله، فيما أسفرت عمليات التفتيش عن العثور على «عدد من أجهزة الحاسب الآلي والهواتف المحمولة التي تحوي برامج مشفرة لتأمين تواصله وإدارته قيادات وأعضاء التنظيم داخل البلاد وخارجها»، فضلاً عن «أوراق تنظيمية تتضمّن مخطّطات التنظيم التخريبية». وبينما قدّمت أجهزة الدولة روايات أخرى، من بينها سفر عزت وعودته باسم مزوّر، أو تنقّله بين أماكن مختلفة، فإن الرواية الرسمية لم تذكر حتى الآن أيّ تفاصيل عن مساعديه أو مَن ساعدوه خلال إقامته المنفردة، ولا سيما أنه (76 عاماً) يعاني من أمراض عديدة ويتلقى العلاج.
تَعدّدت الروايات خلال السنوات الماضية عن مكان إقامة عزت


ويُعرف عن القائم بأعمال مرشد الجماعة «قوّته وصلابته ونفوذه». فالرجل، الذي سُجن من 1965 حتى 1974 خلال دراسته الطب، يُعدّ المحرّك الرئيس لجزء كبير ممّا قامت به الجماعة خلال المدة الماضية، ومن بينه ما هو مرتبط بملف التصالح مع الدولة، والذي تعثّر مجدداً بداية العام الجاري. وعلى رغم أزمة الجماعة الداخلية، مارس عزت ضغوطاً كبيرة على المعارضين له، خاصة من المسجونين أو الموجودين في الخارج، عبر منع المساعدات التي تُمنح لعدد من العائلات في محاولة لإخضاع أبنائها، وهو ما لاقى انتقادات حادّة من قطاع الشباب تحديداً. وبخلاف القضايا المتهم فيها، سواء بالتخابر مع مرسي أو ترتيب اغتيال النائب العام، فإن جميع ملفاته سيعاد النظر فيها بموجب القانون، مع أحقيته في توكيل محامٍ للدفاع عن نفسه، وهو ما لم يحدث في المحاكمات الأولى نتيجة تغيّبه كلياً، وسط تأكيد مصادر طبية أن حالته الصحية تستلزم دخوله إلى المستشفى لتلقي العلاج خلال الأيام المقبلة.
حالياً، ترى الداخلية في اعتقال عزت انتصاراً كبيراً، لكن تساؤلات كثيرة تدور بين المقرّبين من الجماعة عن كون توقيفه جزءاً من صفقة مع النظام، خاصة أن عملية التوقيف لم تتخلّلها اشتباكات ولم تُعلَن تفاصيلها في الإعلام، على عكس جميع قضايا التنظيم في السنوات الماضية. كما تُطرح تساؤلات أخرى عن مستقبل الجماعة في البلاد في ظلّ غياب مرشد لها وقائم بأعماله.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا