يظهر أن القصر لا يريد إحراجه أمام أحد أكبر مموّليه
شعبياً، ومع أن الدولة الأردنية انخرطت في «معاهدة سلام» مع إسرائيل منذ عام 1994، إلا أن ردود الفعل جاءت رافضة للخطوة الإماراتية، مع التحفّظ في التعبير خشية الملاحقة الأمنية. مع ذلك، لم يمتنع بعض الكتّاب ورسّامي الكاريكاتير العاملين لدى صحف مُموّلة قطرياً عن انتقاد أبو ظبي علناً، ومنهم رسام الكاريكاتير عماد حجاج، الذي تَسبّب رسم له في جريدة «القدس العربي» باعتقاله وتحويله إلى محكمة أمن الدولة العسكرية. وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها أردني لمثل هذا الإجراء؛ إذ في وقت سابق تمّ سجن القيادي «الإخواني» البارز، زكي بن أرشيد، لمدة سنة ونصف سنة بعد كتابته مقالاً يتهم فيه الإمارات برعاية الإرهاب. والجدير ذكره، هنا، أن معظم المواقف المضادّة للإمارات على الساحة الأردنية (على المستويين الحزبي والإعلامي لا الشعبي) تخرج من جهات محسوبة على المعسكر القطري - التركي، سواء كانت «إخوانية» أو ليبرالية منحازة إلى الدوحة، وهو ما يجعل رفضها للتطبيع بين أبو ظبي - تل أبيب مرتبطاً بالخصومة الخليجية أكثر منه بالقضية الفلسطينية.
في سياق متصل، ترتسم علامات استفهام كثيرة حول مصير الأمير علي، الأخ الشقيق للملك عبد الله، بعد مشاركته على «تويتر» مقالاً ينتقد الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي، بل ويصفه بـ»النفاق» لادّعاء أبو ظبي أنه يوقف ضمّ الضفة. الأمير، وإن نشر المقال من دون أيّ تعليق، إلّا أنه ما لبث أن مسح، بأوامر عليا، تغريدته، التي كان غريباً أنها ظلّت، مع ذلك، ظاهرة لدى البعض. ولا تبدو مهاجمة الأمير علي للإمارات مستهجنة، ولا سيما في ظلّ وجود بعد شخصي في موقفه، وهو الذي كان قد انحاز علناً إلى شقيقته الأميرة هيا، لدى هروبها مع طفليها من حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم.
وليس التحرّك الأردني ضدّ منتقدي الإمارات جديداً، في ظلّ وجود آلاف الأردنيين العاملين هناك، فضلاً عن المساعدات الإماراتية للمملكة إبان «قمّة مكة» الرباعية قبل عامين. لذا، يظهر أن القصر لا يريد إحراجه أمام أحد أكبر مموّليه، وثاني قوة إقليمية ينضوي تحت جناحها بعد السعودية، ولو جاء انتقادها من الأمير علي، الذي يستبعد أن يتمّ توقيفه، ولكن الأكيد تعرّضه لضغوط للتراجع عن موقفه.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا