هي واحدة من الخطوات المنوي تنفيذها ضمن خطوات أخرى، بوصفها جزءاً لا يتجزأ من اتفاقات التطبيع مع الإمارات وعدد آخر من الدول الخليجية. ما يتكشّف تباعاً يشير إلى ذلك، وخصوصاً صفقة تسليح أميركية ضخمة مع أبو ظبي تشمل وسائل قتالية نوعية، من بينها طائرات «إف 35»، وإن حرصت إسرائيل - في العلن - على التشديد أنها «ما زالت» تعارض هذا النوع من التسليح الأميركي لدول في المنطقة، حتى تلك الخليجية التي تموضعت إلى جانبها وأعلنت، رسميّاً، أنها لن تعاديها.بحسب «يديعوت أحرونوت»، لم يكن اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات على أساس «السلام مقابل وقف الضمّ» في الضفة الغربية، كما رُوِّج له ابتداءً، بل وفقاً لـ«السلام مقابل أسلحة متطوّرة» تتلقّاها الإمارات من الولايات المتحدة بقيمة عشرة مليارات دولار، وهي صفقة تسليح نوعية تتضمن مقاتلات «إف 35» وطائرات مسيّرة متطوّرة جداً، وأسلحة نوعيّة أخرى. اللافت في ما ذكرته الصحيفة، هو التشديد على أن صفقة التسليح جاءت من دون علم المنظومَتين الأمنية والعسكرية في تل أبيب، الأمر الذي يحمل دلالات كثيرة، تشير خصوصاً إلى أن الاعتبارات الأمنية باتت خارج العوامل المؤثرة سلباً في العلاقات مع الجانب الخليجي، والإماراتي تحديداً، الذي لا تخشى المؤسسة السياسية الإسرائيلية أيّ تبعات سلبية لاحقة على أمنها، في حال تسليح أبو ظبي. يفسر ذلك إبقاء مؤسّسة الجيش الإسرائيلي بعيدة من «الاتفاق التاريخي» مع الإمارات، وإن كان للخصومة السياسية بين نتنياهو ومنافسيه الدور الأكبر في إبقاء الاتفاق بعيداً من وزيرَي الأمن والخارجية، بني غانتس، وغابي أشكنازي، اللذَين علما به من خلال وسائل الإعلام، لحظة الإعلان الرسمي عنه قبل أيام.
تأكيد مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أنه لا يزال على موقفه الرافض لأيّ صفقة تسليح تخلّ بالتوازن العسكري في المنطقة، لا يشير إلى جدية معارضة هذا التوجّه، بل إلى موافقة يقابلها رفض في العلن. في الإطار نفسه، أشارت «هآرتس»، في سياق تقريرها، إلى أن دول الخليج مارست ضغطاً كبيراً على إسرائيل لتغيير موقفها من صفقات التسليح الأميركية. ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية شاركت في محادثات مع الإمارات في السابق، شكوكها إزاء تخلِّي نتنياهو عن معارضة إسرائيل التقليدية لبيع وسائل قتالية متطوّرة للإمارات. وأبدت المصادر قلقلها من احتمال أن تكون المحادثات الخاصة والسرية التي يقودها الآن المقرّبون من نتنياهو، أي رئيس الموساد يوسي كوهين والسفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر ورئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، «ربّما» توصّلت إلى مثل هذا الاتفاق (التسليحي) السرّي، من دون إطلاع كبار المسؤولين الأمنيين في إسرائيل عليه.
سيناقش رئيس الموساد مع الإماراتيين صوغ مذكّرة تفاهم أمنية بين الجانبين


في التعليقات الإسرائيلية، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، الرئيس الحالي لمعهد أبحاث الأمن القومي، اللواء عاموس يدلين، إن «من المعلوم أنهم في الإمارات يطلبون أسلحة متطوّرة للغاية من الأميركيين والإسرائيليين، وما (كان) يحول دون ذلك، أنه لا توجد اتفاقات سلام بين الدولتين، وكذلك ضرورات التفوّق النوعي (التسليحي) لإسرائيل»، في إشارة إلى انتفاء أو تقلّص معارضة تل أبيب للتسليح النوعي لأبو ظبي، بعد إبرام اتفاق التطبيع معها. بدوره، لفت المسؤول السابق عن شعبة الاستخبارات في الموساد، حاييم تومر، في حديث إلى الإذاعة العبرية، أمس، إلى أنه لا توجد مشكلة في رفع الحظر عن تزويد الولايات المتحدة طائرات «إف 35» للإمارات، خاصّة أن الاتفاق مع أبو ظبي يمكن أن يكون شراكة لإسرائيل ضمن سيناريو أو آخر، في خدمة المواجهة ضدّ الإيرانيين. في السياق نفسه، تبدو إسرائيل مهتمّة أيضاً بتوسيع التعاون الأمني مع الإمارات؛ وهي أكّدت أن رئيس الموساد الذي حلّ ضيفاً على إمارة أبو ظبي، سيناقش مع المسؤولين الإماراتيين عدداً من الملفات، ومن ضمنها صوغ مذكّرة تفاهم أمنية بين الجانبين.
كل ذلك يقود إلى نتيجة يمكن أن تتطابق مع ما طالبت به وزارة شؤون الاستخبارات في تل أبيب والتي أشارت في وثيقة صدرت عنها إلى أن ملف التعاون الأمني بين إسرائيل والإمارات يأتي على رأس سلم الاهتمام في تل أبيب، إذ إن اتفاق التطبيع مع أبو ظبي يمكّن من تعزيز تحالف عسكري بين دول الخليج وإسرائيل، فضلاً عن زيادة التعاون في تأمين البحر الأحمر. ويرد في الوثيقة أيضاً، ضرورة استغلال إسرائيل الفرصة المتاحة لها لتحقيق مصالحها، كون شركات إنتاج السلاح الإسرائيلية تعمل جاهدة لزيادة صادراتها الأمنية إلى دول الخليج.
في هذا الوقت، يبدو أن سلطنة عمان قرّرت إبعاد نفسها في هذه المرحلة عن التوقيع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل. إذ نقلت قناة «كان» عن مسؤولين في مسقط قولهم في محادثات مغلقة، إنهم لن ينضمّوا حالياً إلى عملية التطبيع خوفاً من الرأي العام ورد الفعل السلبيّ للجمهور في السلطنة. وأضافت القناة، أن السلطان الجديد لعمان، هيثم بن طارق، تسلّم منصبه منذ أقل من عام، لذلك تشير التقديرات إلى أنه لن يتمكّن من القيام بخطوة دراماتيكية في هذه المرحلة.
على النقيض من عُمان، قال المتحدّث باسم الخارجية السودانية، حيدر صادق، لشبكة «سكاي نيوز عربية»، أمس، إن بلاده تتوقّع التوصّل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، مؤكداً وجود اتصالات بين الجانبين، ومشيراً إلى أنه لا يوجد سبب لاستمرار العداء والتنافس بين الجانبين. حديث الخرطوم الرسمي عن تطبيع العلاقات مع تل أبيب لقي ترحيباً خاصاً في إسرائيل، ومن رأس الهرم السياسي فيها، إذ رأى نتنياهو في التصريحات السودانية «قراراً شجاعاً» للزعيم السوداني عبد الفتاح البرهان، لافتاً إلى أن إسرائيل «ستبذل قصارى جهدها لتحويل هذه الرؤية إلى حقيقة ناجزة».
وبعدما أعاد نتنياهو التأكيد أنه لا تغيير في تنفيذ خطة الضم بل «تأجيل موقّت»، أكد وزير المالية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن الإمارات لم تضع أيّ شرط في اتفاق التطبيع معها، يتعلّق بالقضية الفلسطينية، في تأكيد منه أن لا علاقة للاتفاق من أساسه، بإلغاء الضم أو تأجيله، خلافاً للرواية الإماراتية الابتدائية في أعقاب الإعلان عن الاتفاق مع العدو. وجاءت تأكيدات إضافيّة تعزّز ما يشدّد عليه نتنياهو من أن خطة الضم تأجلت دون أن تلغى، وهو ما ورد على لسان مستشار ترامب، جاريد كوشنر، وإن في معرض تشديده على أن الخطة لن تنفّذ، إذ قال في إحاطته لوسائل الإعلام في واشنطن، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية أكّد للإدارة الأميركية أنه لن يقوم بخطوات تتعلّق بالسيادة (الضم) دون موافقة من البيت الأبيض، و«نحن لا ننوي إعطاء هذه الموافقة في المستقبل القريب».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا