القاهرة | بطائرات «رافال» الفرنسية، نفذت مصر وفرنسا غارات مكثفة على قاعدة «الوطية» الجوية غرب ليبيا، عقب نصب منظومة دفاع جوي فيها، حيث تعمل القوات التركية على السيطرة على المنطقة بالتعاون مع القوات التابعة لحكومة «الوفاق الوطني» بقيادة فائز السراج. تأتي الضربة بعدما عززت «الوفاق» تعاونها مع أنقرة بتوقيع اتفاقية عسكرية جديدة قبل أيام حين زار وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، ورئيس الأركان، الجنرال يشار غولر، العاصمة طرابلس، حيث تعهدا «بناء مراكز تدريب لتأسيس جيش ليبي محترف». وبرغم النفي الفرنسي الرسمي أمس المشاركة في الغارات، تؤكد مصادر عسكرية مصرية، تحدثت إلى «الأخبار»، التعاون المصري ــ الفرنسي في التنفيذ، مشيرة إلى أن مواقف الطرفين تتطابق بشأن ليبيا حالياً، ولا سيما رفضهما التدخلات التركية بمختلف أشكالها، مع استمرار جهودهما لتسوية الخلافات بين المشير خليفة حفتر وبعض القبائل الليبية تمهيداً لقبوله ليس قائداً للجيش فقط، بل ربما لمنصب أكبر في العملية السياسية مستقبلاً.وتستغل القاهرة تصاعد الخلاف بين باريس وأنقرة بشأن ليبيا على خلفية الاتفاقات التي تبرمها حكومة فائز السراج مع الأتراك دون موافقة البرلمان الليبي. كما تقدر أن تركيا لن تستطيع اللجوء إلى أي جهة دولية بشأن الغارات الأخيرة، لأن «وجود قواتها في الأراضي الليبية وتصدير أسلحة إليها يخالفان قرارات الأمم المتحدة بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا». المصادر نفسها تفيد بأن الغارات «تسببت في خسائر جسيمة للقوات التركية»، مشيرة إلى أن الطائرات انطلقت من شمال مالي، علماً بأن غالبية الأوساط الإعلامية والسياسية وصفت الطائرات بأنها مجهولة، فيما أعلن «الجيش الوطني» بقيادة حفتر مسؤوليته عن الهجوم وأن الطائرات تابعه له «في خطوة منسقة لصرف الأنظار عن التدخل» المصري ــ الفرنسي. ووفق تصريحات مدير إدارة «التوجيه المعنوي» في قوات حفتر، العميد خالد المحجوب، ما تم تدميره يفوق 80% من التجهيزات العسكرية التركية التي وصلت إلى «الوطية» وفيها أجهزة ومعدات متطورة كانت في طريقها للتشغيل، إذ إن «توقيت الهجوم كان مناسباً لتدمير الأهداف بشكل شبه كامل من دون الإضرار بالطائرات».
يرى الجيش المصري أن نصب أنظمة دفاع جوي تركية خط أحمر


و«الوطية» من أهم المواقع الاستراتيجية التي سعت أنقرة إلى السيطرة عليها، وخاصة أنها بوابة تنفيذ أي تحركات جوية في جميع أنحاء ليبيا، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي في المنطقة الغربية. ونشرت منذ مدة تقارير عن بدء العمل على تجهيز القاعدة بسرعة، لكن هذه التقارير لم تثبت صحتها جراء تضارب المعلومات عن التفاصيل. أما «الوفاق»، فقالت إن الغارات أدت إلى «إعطاب بعض أنظمة الدفاع الجوي» التي وصلت أخيراً، مؤكدة أنها لم توقع أي ضحايا، على عكس ما أعلنته قوات حفتر بقولها إن هناك قتلى من الأتراك وإصابات خطيرة لعسكريين نقل بعضهم بالطائرة إلى طرابلس، وآخرون إلى تركيا. كما لم يصدر تصريح عن تركيا التي قال وزير دفاعها قبل يوم واحد من الغارة إنهم سيبقون.
تقول المصادر المصرية إن عملية تبادل للمعلومات تُجرى على نطاق واسع بين القاهرة وباريس بشأن التحركات التركية في ليبيا والأسلحة التي تصل باستمرار، مع تلويح بتدخل مصري معلن خلال الأيام المقبلة في حال وصول المزيد من التعزيزات التركية. كما أوضحت المصادر أن «مصر لن تسمح لتركيا بوضع أنظمة للدفاع الجوي في القواعد العسكرية الليبية تحت أي مسمى»، خوفاً من استخدامها في المستقبل لإسقاط الطائرات المصرية «إذا اضطررنا إلى التدخل الواسع... هذا الأمر حُسم بين الرئاسة والقادة العسكريين». أيضاً، تقول المصادر إن نجاح الغارات في تحقيق أهدافها يرجع إلى «دقة الإحداثيات التي تم العمل بناءً عليها... هذه أكبر خسارة للأتراك في ليبيا، ورسالة مهمة للعودة إلى الحلول السياسية بناءً على الأوضاع الحالية على الأرض».