غزة | أنت في غزة تريد السفر ولست ابن شخصية مهمة ولا تملك الواسطة. لست على معرفة مع شخصية تساعدك على اجتياز معبر رفح إلى الجانب المصري. إذاً أنت لا تملك مفتاح الجنة الآن لمعبر رفح. لا حل لك سوى «الرشوة»، وإلا فستلقى مصيرك بالجلوس ساعات تجد فيها الإهانة وتجد كل المعاملة السيئة اللفظية، وفي النهاية احتمال دخولك ضئيل جداً. محمد مهاني نموذج للمواطن الغزي الذي يتعرض للابتزاز مع عائلته داخل الصالة المصرية.
قصته تبدأ عندما حمل أمتعته هو وزوجته وابنته على معبر رفح، تمت مساءلته عن غرضه من السفر إلى مصر، الأمر الذي دفعه إلى إظهار التقارير الطبية التي يحملها، ما سمح له بالدخول إلى تلك الصالة حيث لاقى نفسه جالساً لثماني ساعات متواصلة وسط أعداد كبيرة من الفلسطينيين العالقين. في لحظة ما، دفع نفسه للتحدث إلى الشرطي. قال له إن زوجته لا تستطيع تحمل أكثر من ذلك؛ لأنها مريضة ولا تقدر على الصمود في مكان يملأه الناس. فردّ ممثل حكام القاهرة: «أنا حعديك أنت ومراتك وبنتك، بس أنا عايز حاجة ترضي الجماعة إلي جوا وأقلهم أنها تعبانة أووي، وأنا شفتها بعيني، وانتي بس زبطها لأعديك». أعطاه محمد كما طلب منه 150 دولاراً.
يقول محمد لـ«الأخبار» إنه رأى أسوأ تعامل من الجانب المصري مع الفلسطينيين على المعبر، مشيراً إلى أنه اضطر إلى إعطائهم رشوة لأنه رأى «زوجته تعاني كثيراً نتيجة ازدحام الصالة الداخلية للمعبر».
هي أيضاً حال جمال تيسير، مواطن فلسطيني من غزة يحمل هو وأولاده الجنسية الأميركية. قدم من طريق مصر مباشرة إلى معبر رفح لدخول القطاع. هناك، عند المعبر، فوجئ عند دخوله الصالة المصرية الكثير من العائلات التي تعامل معاملة سيئة. قلق على أولاده الذين لم يروا مثل تلك المعاملة. كانت المرة الأولى التي يزورون فيها غزة. دفع نفسه وذهب إلى شرطي مصري وأخبره أنه فلسطيني يحمل الجواز الأميركي وأن أولاده لا يمكنهم التأقلم مع هذه الظروف. سأله الشرطي عن عدد أولاده فكان رده: «نحن كلنا 5 أفراد». قال الشرطي: «أريد أن أساعدك، لكن مقابل دخول كل فرد بـ200 جنيه مصري، وهذا لأنك تحمل الجواز الأميركي»، وهكذا كان.

تصل قيمة الرشاوي بين 500 جنيه و1500 جنيه مصري



يقول جمال لـ«الأخبار»، إن «هنالك الكثير من الأصدقاء في أميركا من أصول فلسطينية لاقوا نفس الحال مثلي، والبعض كان يتعرض لابتزاز كثير، الأمر الذي دفعني إلى التوجه للشرطي بحثاً عن أي حل حتى لا أتعرض للابتزاز مثل غيري».
زياد قصباوي قصة محيرة بعض الشيء، اضطر بدوره إلى دفع رشى لثلاثة ضباط على الحدود المصرية بقيمة 1150 جنيهاً لكي يسمحوا له بالعبور لإكمال دراسته للماجستير. أوضح، لـ«الأخبار» أنه «عند اجتيازي للجانب الفلسطيني وقبوعي خمس ساعات في الصالة المصرية، ناداني ضابط مصري وسألني: ما هو غرضك من الدخول لمصر؟ فأخبرته أنه لإكمال الدراسة، وقمت بالتشديد عليه لعدم بقاء شيء لميعاد التسجيل للفصل الباقي لي في الماجستير، فطلب مني 500 جنيه على جنب بعيداً عن المسافرين، وذلك لإقناع الباقي من زملائه في الشرطة بإدخالي. أعطيته من دون نقاش، وذلك لألتحق بالجامعة، بعدها سُمح لي، من ثم أدخلني إلى نقطة التفتيش، وضابط أخر يضع على كتفه نسراً مصرياً ونجمتين أدخلني أيضاً الغرفة، وقال لي: أنت بتاع الماجستير يا بني، طيب أنا حعديك بس لازم تنقط لينا من ايديك الحلوين ديا 500 جنيه علشان أنا راح اعيدك ولو انه عندنا تعليمات مش لازم نعدي حد، بس انا رح اعديك، وانت في طريقك كمان تنساش تعطي الضابط الغلبان الي راح يفتحلك الباب لتعدي 150 جنيه ليروحله بحاجة لولاده». وأضاف: «ما حدث معي من ابتزاز مالي هو لأن الشرطة المصرية علمت أن والدي هو رجل أعمال، لذلك أُخذ مني هذا المبلغ، وما جعلني أدفع لهم كل ما يريدون، أني أريد إكمال دراستي وأن لا أضيع وقت. كنت مثل المتعلق بالقشة في البحر».
مدير الإدارة العامة للمعابر في وزارة الداخلية في الحكومة المقالة ماهر أبو صبحة، في لقاء مع الصحافيين في غزة، يرى أن «أن الجانب الفلسطيني من المعبر لا يتحكم بشيء بخصوص المعبر في الجانب المصري، ومثل هذه الأمور لو تقدمنا في حجج رسمية للجانب المصري فإنهم يغلقون المعبر»، مضيفاً: «إننا في غزة نجد صعوبة كثيرة في التواصل مع المعبر عند المصريين».
أما بخصوص إذا كان هناك فساد داخل المعبر بالجانب الفلسطيني، فقد أقر أبو صبحة بوجود مظاهر «واسطة وفساد في معبر رفح تجري مكافحتها واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنهائها».