في خطوة رأى اقتصاديون ومتابعون أنها بداية لتنفيذ شروط القرض الجديد من «صندوق النقد الدولي»، كشف وزير الكهرباء المصري، محمد شاكر، عن تفاصيل الزيادات الجديدة على شرائح الكهرباء المختلفة، سواء للاستهلاك المنزلي أو الصناعي أو التجاري، ضمن خطة الحكومة التي أقرّتها عام 2016 برفع الدعم كلياً عن الكهرباء. المفاجأة في قرار زيادة الأسعار بنسبة 19% تقريباً هي إعلان خطة الزيادات للسنوات الخمس المقبلة. فبرغم انخفاض كلفة مدخلات الإنتاج في الكهرباء، خاصة في ما يتعلق بالوقود المستخدم، استمرت الحكومة في تحميل المواطنين الزيادات، في وقت خفّضت فيه الأسعار للمصانع بنحو عشرة قروش، في قرار حمّل موازنة الدولة نحو 22 مليار جنيه نتيجة التخفيض خلال السنوات الخمس المقبلة.في المقابل، ستزيد أسعار الاستهلاك للشرائح المتوسطة بنسبة 87% خلال السنوات نفسها، مع تحويل شركات الكهرباء إلى ربحية بدلاً من خدمية، إذ سيتم الاستغناء عن أي دعم مقدم إلى المواطن في قطاع الكهرباء، وهذا أحد الشروط التي التزمتها الحكومة مع «صندوق النقد» قبل أربع سنوات، لكن آلية تنفيذها مُددت لتكون على مدار تسع سنوات. لهذا، قرّرت وزارة الكهرباء زيادة سعر بيع الغاز الطبيعي من 3 دولارات إلى 3.25 لكل مليون وحدة حرارية، لكن مع تثبيت السعر لمحطات الإنتاج عند 3 دولارات، لتتحمل وزارة المالية مبلغ 29.9 مليار جنيه. وتدّعي الحكومة أنها تحمّلت 78.6 مليار جنيه نتيجة تمديد خطة رفع الدعم لتكون خمس سنوات بدلاً من عامين، ولهذا ستضاعف الأسعار للفئات الأقل دخلاً بنسبة تصل إلى 120% مقارنة ببقاء الأسعار كما هي تقريباً للفئات الأعلى دخلاً!
حجّة الدولة في الغلاء الطفيف لكهرباء المصانع هي جلب الاستثمارات


على عكس تصريحات «المالية» التي وضعت صفراً لدعم الكهرباء، ستُستخدم الزيادات الجديدة في تعويض عجز الموازنة والخسائر التي تعرّضت لها البلاد بسبب فيروس كورونا، علماً بأن نسبة الزيادة للشرائح الأكثر استخداماً هي نحو 30%، مع الأخذ في الاعتبار أن نسب الزيادة لدى الفئات الأقل دخلاً هي الأعلى مقارنة بالشرائح الأخرى التي زادت بنسب أقل. ومن جهة أخرى، تسعى الحكومة إلى دعم القطاع الصناعي بتثبيت أسعار الطاقة خلال السنوات الخمس المقبلة، ضمن محاولاتها دعم رجال الأعمال وجذب الاستثمارات جراء ارتفاع التكلفة والعجز عن المنافسة. وفي المقابل تكشف الأرقام المعلنة عن تقديم الدولة الكهرباء إلى بعض الشرائح في السنوات القليلة المقبلة تجارياً بأقل من أسعارها للمنازل، وهو ما عكس فجوة واضحة في آلية التسعير والزيادة.
وأعلنت الحكومة في وقت سابق رغبتها في إتمام بيع بعض محطات الكهرباء التي تم تنفيذها عبر شركة «سيمنز» الألمانية خلال السنوات الماضية نتيجة وجود فائض كبير يصل إلى ضعف الاحتياجات المصرية من الكهرباء حالياً، وهي الخطوة التي تأمل عبرها في توفير عائد من العملة الصعبة. لكن هذه الخطوة غير واضحة المعالم لأسباب في مقدمتها غياب المستثمرين الراغبين في الشراء، فضلاً عن تعطّل محاولات الربط الكهربائي مع دول من بينها قبرص والسودان ولبنان، التي تسعى القاهرة إلى بيع الكهرباء لها من أجل توفير العملة الصعبة، وتشغيل المحطات التي توقّف عدد كثير منها نتيجة انتفاء الحاجة إليها.