يعود تغيّر الموقف السوداني، كما تقول المصادر نفسها، إلى أن مسؤولين مصريين أرسلوا إلى نظرائهم السودانيين تقارير حديثة عن وضعية السد والمخاوف من انهياره، وما سوف يتسبّب فيه من كارثة لمساحات واسعة من الأراضي السودانية إذا تسرّبت كميات من المياه بصورة أكبر من الطبيعية، مقابل ضرر أقل لمصر التي لديها قدرة تقنية على التخلص من هكذا كميات. وحالياً تتمسّك الخرطوم بالتوصل إلى اتفاق شامل للتخزين وتشغيل السد مع الضمانات الكافية لسلامة إنشاءاته والتأكد من أنه لا أضرار بيئية عليها خاصة في أوقات الجفاف أو الفيضانات العالية، وهو المطلب الذي تراهن عليه مصر خلال المرحلة المقبلة ليكون وسيلة ضغط على الجانب الإثيوبي، علماً أنها أعدّت ملفاً كاملاً بالتجاوزات الإثيوبية السابقة والمرتبطة ببناء سدود على الأنهار المشتركة مع كينيا والصومال وإرتيريا. أما الهدف، تضيف المصادر، فهو التوصّل إلى اتفاق يضمن ملء بحيرة السد على مدار سبع سنوات مع ضوابط خاصة قد تتيح إطالة المدة في حال انخفاض كمية الأمطار السنوية، وذلك لتأمين حصة مياه عادلة لدولتَي المصب. وفي الوقت نفسه، يواصل وزير الخارجية، سامح شكري، اتصالات مكثفة، سرية وعلنية، لتشكيل لوبي ضغط دولي على أديس أبابا.
أرسلت مصر تقارير تحذّر من انهيارات في السدّ ستؤذي السودان
في هذا السياق، يقول مصدر دبلوماسي مصري إن «التصعيد الإثيوبي مرتبط بحسابات انتخابية داخلية يرغب أحمد في تحقيق أكبر مكسب فيها»، مضيفاً: «برغم تراجع معدلات الإنشاء في السد خلال الأسابيع الماضية، كما رصدنا، فإن اللهجة الإثيوبية العدائية ستزداد مع وصول السباق الانتخابي إلى ذروته بداية أغسطس (آب) المقبل». لذلك، يرى هذا المصدر أن القاهرة تفرّق بين أمرين مهمين: «الأول مرتبط بما يتم على أرض الواقع وما يمكن حدوثه في مدد قريبة، والثاني التصريحات الإعلامية الاستفزازية التي اعتدنا التعامل معها بالهدوء والتجاهل كما حدث سابقاً، سواء مع السودان إبّان نظام عمر البشير، أو مع الأنظمة الإثيوبية السابقة»، مستدركاً: «الخطوات داخل مجلس الأمن أو بالتواصل مع دول العالم سيكون لها تأثير كبير إذا اختارت أديس أبابا التصعيد والعمل على إدارة الأزمة بسياسة الأمر الواقع».