رغم أن لا جديد في هذه الحقيقة، لكن اتهام بنيامين نتنياهو بأن مواقفه التي يعبّر من خلالها عن سعيه الجاد للتوصل إلى تسوية نهائية مع السلطة الفلسطينية، ليست سوى مناورة سياسية وإعلامية تهدف إلى إظهار الطرف الفلسطيني رافضاً للتسوية، أمام الرأي العام الدولي. هذا التفسير ليس فرضية تحاول الكشف عن جانب من خلفيات مواقف نتنياهو التسووية، بل هو ما انطوى عليه كلامه الذي أدلى به بنفسه أمام كتلة الليكود، بالأمس، عندما أعلن أن «على إسرائيل إظهار التوجه الإيجابي في العملية السلمية، خلال الأيام القريبة، كي يفهم الرأي العام الدولي أن الفلسطينيين هم الذين يتحمّلون المسؤولية عن صد باب المفاوضات»، كما نقلت صحيفة «هآرتس».
وبالرغم من مسار التنازلات التي قدمتها السلطة منذ أوسلو حتى الآن، ادعى نتنياهو أيضاً أنه «اتضح الآن أن الفلسطينيين هم الرافضون، وعلينا إبداء الاستعداد للسلام مقابل رفضهم، وأقترح أن نتيح للجميع الآن فهم من هو الرافض، وغرس هذا الفهم في الرأي العام الدولي».
ضمن هذا الإطار، طلب نتنياهو من نواب ووزراء الليكود الامتناع عن التصريحات في الموضوع الفلسطيني، ما سيحرف الضغط الدولي عن الفلسطينيين نحو إسرائيل.
وكجزء من محاولات تبرير طروحاته «الأمنية» التي تجرّد الدولة الفلسطينية المفترضة من أبسط مقوماتها، استغل نتنياهو ما قال إنه «دعوة البعض في إسرائيل إلى عقد اتفاقية تسوية مع الرئيس محمود عباس، لكوننا لا نعلم من ستكون القيادة الفلسطينية القادمة»، متسائلاً «عمّا إن كان سيجري تغيير القيادة الفلسطينية الحالية، وينقلب كل شيء فوق رؤوسنا ولا تلتزم السلطة القادمة الاتفاقيات الموقعة معهم؟». في السياق نفسه، أكد نتنياهو ــ بحسب القناة السابعة ــ أن ما يهمّ إسرائيل الآن هو الاعتراف بيهودية الدولة والأمن، باعتبارهما الشرطين الأهم بالنسبة إلى إسرائيل، مضيفاً: «لا يمكن المضي قدماً في المفاوضات دون أن نجد الجدية الحقيقية للفلسطينيين».
أيضاً، في مقابل تأكيد نتنياهو، خلال كلمة أمام الكنيست، أن إسرائيل ترغب في التوصل إلى السلام، لكنها ليست مستعدة للتنازل عن مطالب أساسية، رأى رئيس المعارضة وحزب العمل يتسحاق هرتسوغ، أن التوصل إلى تسوية سياسية هو مصلحة إسرائيلية. وأعرب عن اعتقاده أنه كان يجب على رئيس الوزراء أن يجمد أعمال البناء في المستوطنات بدلاً من الإفراج عن سجناء فلسطينيين.
أما بخصوص الموقف من تحرير الدفعة الرابعة من المعتقلين الفلسطينيين، نهاية الشهر الجاري، فتوجه نائب وزير الدفاع داني دانون إلى رئيس الحكومة برسالة، هدد فيها بالاستقالة من منصبه في حال إطلاق سراح أسرى فلسطينيين نهاية الشهر الجاري، مضيفاً أنه «لن يكون جزءاً من السلطة التنفيذية إذا صدّقت ونفذت عملية أخرى من إطلاق سراح أسرى في إطار النبضة الرابعة التي يفترض إجراؤها في الثامن والعشرين من الشهر الجاري».
إلى ذلك، لفتت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن لقاء عباس – أوباما، بحسب ما نقل مسؤول إسرائيلي، كان صعباً بفعل ضغط الأخير لدفع رئيس السلطة إلى قبول اتفاق الإطار، واقترح عليه طرح تحفظات في المواضيع التي تهمه، لكن عباس قدم مواقف صارمة، لكنه لم يرفض اتفاق الإطار كلياً، وترك الباب مفتوحاً لاستئناف المفاوضات. وبحسب مسؤول فلسطيني رفيع، أوضح عباس للرئيس الأميركي أنه من دون تجميد الاستيطان وخطط البناء، فإن موقفه تجاه استمرار المفاوضات سيتحول غير ذي صلة؛ لأن مشروع الدولتين سيصبح غير ممكن التنفيذ.