كشف ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع موشيه يعالون، أصدرا تعليمات للجيش بمواصلة الاستعدادات خلال العام الحالي لشن هجوم عسكري على المنشآت النووية في إيران، على الرغم من المحادثات بين الأخيرة والدول العظمى، في وقتٍ تتعرض فيه العلاقات الأميركية الإسرائيلية لموجة توتر جديدة على خلفية تصريحات ليعالون انتقد فيها «الضعف» الأميركي.
وذكر موقع صحيفة «هآرتس» أمس أن أقوال الضابطين، نائب رئيس أركان الجيش اللواء غادي آيزنكوت وقائد لواء التخطيط في شعبة التخطيط في هيئة الأركان العامة العميد آغاي يحزقيل، جاءت خلال سلسلة اجتماعات مشتركة للجنتي الخارجية والأمن والمالية في الكنيست، خلال شهري كانون الثاني وشباط الماضيين، وعرض الضابطان خلالها تقارير عن خطة عمل الجيش الإسرائيلي لإقرار ميزانية الأمن.
ونقلت «هآرتس» عن ثلاثة أعضاء كنيست شاركوا في هذه المداولات وطلبوا عدم كشف هويتهم، قولهم إن آيزنكوت ويحزقيل تطرقا باقتضاب إلى استعداد الجيش الإسرائيلي «لإحباط البرنامج النووي الإيراني»، وأشاروا إلى أن هذا جزء من خطة عمل الجيش.
وأضاف أعضاء الكنيست أن الضابطين ذكرا أن الجيش سيرصد خلال العام الجاري ما بين 2.8 – 3.4 مليار دولار من ميزانيته للاستعداد لاحتمال شنّ هجوم في إيران، وأن هذا المبلغ مشابه للمبلغ الذي رُصد للهدف نفسه العام الماضي.
وفي ردهما على أسئلة أعضاء الكنيست في المداولات بشأن ما إذا كانت المحادثات بين الدول العظمى وإيران لم تغير من سياسة حكومة إسرائيل تجاه إيران، قال الضابطان إن الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات واضحة من نتنياهو ويعالون بمواصلة الاستعدادات لاحتمال شن هجوم عسكري منفرد على إيران، ومن دون علاقة بالمحادثات بين الدول العظمى وإيران. وأشارت الصحيفة إلى أن مكتب نتنياهو ومكتب الناطق العسكري الإسرائيلي رفضا التعقيب على الموضوع.
يذكر أن نتنياهو كان قد صرح بعد التوصل إلى الاتفاق المرحلي بين إيران ودول 5+1 بأن إسرائيل ليست ملتزمة الاتفاق. لكن «هآرتس» ربطت بين تصعيد لهجة نتنياهو في الموضوع الإيراني وتكراره التهديدات المبطنة بشن هجوم إسرائيلي منفرد على منشآت طهران النووية وبين الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لدفع المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين قدماً.
وكان يعالون شن هجوماً لاذعاً على «الضعف» الذي تظهره الإدارة الأميركية في سياستها الخارجية «في كل منطقة من العالم»، وخصوصاً في الملف النووي الإيراني. وقال يعالون: «لقد اعتقدنا أن من ينبغي أن يقود الحملة على إيران هو الولايات المتحدة، لكن الولايات المتحدة دخلت في مرحلة معينة إلى المفاوضات معهم، ولأسفي فإنه في البازار الفارسي الإيرانيون تفوقوا». وأضاف: «إذا كنا نريد أن ينفذ الآخرون المهمة عنا، فإن هذا لن يحدث قريباً، ولذلك فإنه ينبغي التصرف حيال هذا الموضوع وفقاً لمنطق إن لم أكن لنفسي، فمن لي؟».
ورأت الصحيفة أن أقوال يعالون تعبّر عن تغير موقفه بعد أن كان في الماضي يعارض بشدة شنّ هجوم إسرائيلي منفرد على إيران، واصطدم مع وزير الدفاع السابق، إيهود باراك، الذي يؤيد هجوماً كهذا، وأن يعالون أصبح الآن يؤيد موقف نتنياهو.
وفجرت تصريحات يعالون رد فعل أميركي غاضب وصفه متابعون بأنه غير مسبوق منذ زمن بعيد ضد شخصية إسرائيلية عامة. وطلب مسؤول أميركي رفيع رفض الكشف عن اسمه نشر تعقيب على مواقف يعالون قالت صحيفة هآرتس إنه «صيغ بدقة وأُدلي به بعد أخذ الموافقة» من الجهات العليا.
وجاء في رد المسؤول الأميركي: «لقد أدهشتنا ملاحظات وزير الدفاع التي تُشكك في التزامه العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. نحن أمام أسلوب مقلق يعبر به وزير الدفاع عن استخفاف بالإدارة الأميركية ويُهين أكبر موظفيها.
وفي ضوء التزام هذه الإدارة الذي لم يسبق له مثيل بأمن إسرائيل، نتساءل: لماذا يبدو وزير الدفاع مصمماً على إفساد هذه العلاقات؟». وأشارت «هآرتس» إلى أن كلام يعالون أثار غضباً كبيراً في جميع أقسام الإدارة الأميركية، ومنها وزارة الخارجية والبيت الأبيض، وخصوصاً أن الوزير الإسرائيلي سبق أن سبّب توتراً في العلاقات في كانون الثاني، حينما وصف وزير الخارجية جون كيري بـ«المهووس الخلاصي»، وأنّ جهوده في ملف التسوية منشأها سعيه إلى الحصول على جائزة نوبل. إلا أن يعالون عاد واعتذر بعد أن أعرب البيت الأبيض عن سخط شديد من تصريحاته.