بغداد | سبيل رئيس الوزراء العراقي المكلّف بتأليف الحكومة الاتحاديّة، عدنان الزرفي، مقطّع الأوصال ومثقلٌ بالخلافات والتباينات، في ظل انقسام المواقف داخل القوى السياسيّة، وعلى رأسها «البيت الشيعي»، حيال منح الثقة للرجل، إذ يرى أطراف سياسيون ضرورة مساءلة رئيس الجمهورية، برهم صالح، قانونياً، لتجاوزه حق الغالبية النيابية في تسمية مرشحها. هنا، تنص المادة 61 سادساً من الدستور على محاكمة الرئيس في حال «الحنث في اليمين الدستورية، وانتهاك الدستور والخيانة العظمى».وفق مصادر سياسيّة مطلعة، تحدثت إلى «الأخبار»، لم تجرِ أي اتصالات أو اجتماعات أو تفاهمات مع الزرفي من قريب أو بعيد، أو طرف ثالث، وهذا ما يفسر رفض «تحالف الفتح» (تجمّع القوى السياسية الداعمة لـ«الحشد الشعبي»). لكن، على هامش الرفض المطلق من «الفتح»، يركّز التحالف الذي يرأسه هادي العامري جهده حالياً على إيجاد بديل آخر لتأليف الحكومة المقبلة خلفاً للمستقيل عادل عبد المهدي. وتردف المصادر أن الرئيس المكلّف طالب أكثر من مرة بالدخول مع «الفتح» في مفاوضات لحلحلة كل الاعتراضات والتحفظات، لكن الأخير والمتحالفين معه رفضوا، مصرّين على الاحتكام إلى طاولة المفاوضات وتحت سقف البحث عن بديل، وهذا ما يعزز التسريبات التي أشارت إلى وجود أكثر من مئة نائب من مختلف الكتل يدعمون توجهات العامري.
قبالة ذلك، يكشف أطراف سياسيّون مطّلعون أن بورصة المرشحين بدأت أسهمها تتحرك في ثلاثة مستويات مقسمة على عدد من المرشحين. المستوى الأوّل يمثل الأسماء التي تمتلك النصيب الأكبر والحظ الأوفر بالفوز في رئاسة الوزراء. بوصلة الاختيار ستتجه نحو وزير الداخلية الأسبق قاسم الأعرجي، إلى جانب رئيس جهاز المخابرات، مصطفى الكاظمي، الذي عاد إلى الواجهة مجدداً منافساً عتيداً لأعلى سلطة تنفيذية في بلاد الرافدين. المستوى الثاني يجمع المرشحين الذين قلّت حظوظهم بعد أسبوع ماراثوني طُرحت فيه أسماؤهم بشكل كبير، وهما السياسي عزّت الشاهبندر، والوزير السابق والنائب الحالي محمد شياع السوداني. لكن اعتراض بعض الزعامات الشيعية والكردية أجهض حظوظ الرجلين، وقد تنسف إمكانية ترشحهما مجدداً. المستوى الثالث يشمل الأسماء التي تداولات عند استقالة عبد المهدي، منذ أكثر من أربعة أشهر، وهما محافظ البصرة أسعد العيداني والوزير السابق عبد الحسين عبطان.
رغم أن المكلّف الآن يبحث تأمين الغالبية لضمان «تمرير» حكومته برلمانيّاً، فإن الأمور تتجه نحو مرشحي المستوى الأول، خاصّة في ظل رضى شيعي عن الشخصيتين اللتين دخلتا دائرة المنافسة، فضلاً عن أن قبول أي مرشح منهما مرهون بموافقة زعيم «التيّار الصدري»، مقتدى الصدر، ورضى «الفتح»، وهو ما يجعل أسهم الرجلين، أي الأعرجي والكاظمي، في تفاوت قريب قد تحسمه القدرة على ضبط إيقاع الصراع الدولي الأميركي ــ الإيراني، المستعر في العراق.
وإزاء الخلاف السياسي، هناك من يروّج لتلقّي الزرفي إشارات مشجعة من سفراء الدول الدائمة العضوية في «مجلس الأمن الدولي»، ومجموعة أعضاء الاتحاد الأوروبي، للمساهمة في دعم وتمويل «صندوق الإعمار» لتوسيع مشاريعه الإنمائية والخدمية، لكن طريق قطف ثمار ثقة النواب قطعته قوى «سنيّة» و«كرديّة» رهنت موافقتها بقبوله من الأطراف «الشيعية»، إذ لا يمكن دعم أي مرشح «جدلي» لرئاسة الحكومة من دون غطاء الغالبية النيابيّة، وهذا ما يجعل تكرار سيناريو محمد توفيق علّاوي مع الزرفي أمراً وارداً بدرجة كبيرة.