بغداد | تنقل مصادر أمنيّة عراقيّة، وأخرى على تماس مباشر مع «قوّات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش» (بقيادة واشنطن)، أن قوات الاحتلال الأميركي اتخذت «قراراً» خلال الساعات الماضية بضرب مقار لـ«القوّة الصاروخيّة» التابعة لـ«منظمة بدر» (بزعامة هادي العامري) و«عصائب أهل الحق» (بزعامة قيس الخزعلي) و«حركة النجباء» (بزعامة أكرم الكعبي) و«كتائب حزب الله ــــ العراق». هذه الأهداف، وفق المصادر، بلغ عددها عشرة على الأقل، وهي موزّعة على المحافظات الشرقيّة والوسطى، في حين أن بعض القيادات العسكريّة العراقيّة أُطلعت على «الموعد الأوّلي» لهذه الضربات. وبينما ترجّح المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن موعد الضربات «بات وشيكاً»، كان بارزاً رفض الأميركيين النزول عند رغبة رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، المطالب بـ«تهدئة الموقف» أو حتى إبلاغه بـ«موعد الغارات الأوّليّة» (بعكس تعامل واشنطن مع بعض القيادات العسكرية)، في خطوة استفزّت الرجل ودفعته إلى إصدار بيان «حادّ اللهجة» ضد الفصائل، وقوّات الاحتلال أيضاً. وقال عبد المهدي إن «الأعمال اللاقانونية واللامسؤولة التي يقوم بها البعض في استهداف القواعد العسكرية العراقيّة أو الممثليات الأجنبية هو استهداف للسيادة العراقية وتجاوز للدولة حكومة وشعباً»، واصفاً إيّاها بـ«المدانة... سنتخذ كل الإجراءات الممكنة لملاحقة الفاعلين ولمنعهم». في المقابل، هاجم تحليق «طيران غير مرخّص به بالقرب من مناطق عسكرية في سبايكر، ومعسكر الشهداء في طوزخوزماتو، ومطار حليوة ومعسكر أشرف والمنصورية وغيرها»، محذراً من «أعمال حربيّة مضادة مدانة وغير مرخص بها»، وأن ذلك «تهديد لأمن المواطنين، وانتهاك للسيادة... نحمل الجهة التي تقوم به مسؤولية ذلك».
هذا المشهد المحتدم منذ أسبوع حمل أيضاً رسالة «قاسية» من الفصائل وطهران على حدّ سواء، ضد قوات الاحتلال، إذ كشفت «الكتائب» في بيان عن إجرائها أخيراً مناورات عسكرية تحاكي عدداً من سيناريوات «مواجهة» قوات الاحتلال. أما قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي، فدعا المسؤولين الأميركيين إلى «التفكير في شأن مواطنيهم في نيويورك وبقيّة الولايات التي تعاني من فيروس كورونا، بدلاً من التفكير في سيناريوات هوليوودية في العراق وقتل شعبه»، محذّراً الإدارة الأميركية من «إبقاء جنودها في المنطقة... لأن ذلك يضرّ بهم وبشعوب المنطقة».
هاجم عبد المهدي تحليق طيران أميركيّ غير مرخّصٍ به قرب مناطق عسكرية


تصعيدٌ يتزامن مع عمليات «إعادة تموضع قوات التحالف» التي كان آخرها أمس استعادة بغداد الموقع الذي كانت تشغله «بعثة التحالف داخل معسكر في قيادة عمليات نينوى»، وفق بيان «قيادة العمليات المشتركة». العذر «المعلن» لقرار «التحالف» خوفه من تفشّي «كورونا» بين أفراده، لكن «حقيقة الأمر»، وفق أكثر من مصدر أمنيّ، محاولة «التحالف» تجنّب مواجهة «مذلّة» في العراق، وتعرّض مقارّه ونقاط انتشار قوّاته لهجمات صاروخيّة من الفصائل، ردّاً منها في الأصل على اغتيال واشنطن نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي»، أبو مهدي المهندس، وقائد «قوّة القدس» في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني، ورفاقهم، مطلع العام الجاري، في محيط مطار بغداد الدولي. وسبق أن نقلت «الأخبار» عن مصدر أمنيّ رفيع أن «الانسحاب الموعود قد تسبقه ضربات أميركية مركّزة ضد مقار ونقاط حلفاء إيران من فصائل المقاومة المعروفة وغير المعروفة، وبذلك لن تقدّم واشنطن نصراً مجانياً لطهران، بل انسحاباً مكلفاً لحلفاء الأخيرة (كما أنه مكلف لواشنطن)» (راجع «الأخبار»، العدد 4009).
إذاً، العراق أمام «تسخين» للميدان خلال الأيّام القليلة المقبلة، وخاصّة أن الاحتلال يحاول «حرف الأنظار» عن إخفاقه في مواجهة «كورونا» بشراء «انتصارات» وهميّة، محاولاً إخضاع طهران وحلفائها وتعزيز مكاسب سياسية تصبّ في مصلحة الرئيس دونالد ترامب الانتخابيّة. لكن السؤال يبقى عن مدى ضبط الجبهة المقابلة نفسها إزاء «الجنون» الأميركي، فقواعد الاشتباك الجديدة ثبّتت أنّ المعادلة «ضربة بضربة»، وأن على الأميركيين تحمّل تبعات أي «استفزاز»، ذلك أنّهم رفضوا تحديد جدول زمنيّ لسحب قواتهم، من جهة، ويسعون إلى إعادة انتشارها بعيداً عن «مرمى نيران» الفصائل، من جهة أخرى.