منذ موعد الدورية المشتركة الروسية - التركية الأولى، قبل أربعة أيام، والتي فشلت في العبور على طول الطريق الدولي حلب - اللاذقية (M4)، بسبب قطع الفصائل المسلحة الطريق، عبر رفع سواتر وإقامة تظاهرات هدّدت القوات المشاركة في الدورية، والفصائل تجدّد في كل يوم رفضها للاتفاق وعزمها على إفشاله. آخر مشاهد الرفض كان يوم أمس، حين تظاهرت مجموعات مدعومة من قبل الفصائل المسلحة في بلدة النيرب عند أطراف الطريق (M4) في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، رفضاً للاتفاق. وفي المقابل، تبدو موسكو مصرّة على منح أنقرة مزيداً من الفرص لتحمّل مسؤولياتها لناحية إرغام الفصائل على القبول بالاتفاق وتطبيقه وفتح الطريق الدولي.وفي السياق، لم تُسجل بعد أي جهود تركية لدفع المسلحين نحو القبول بالاتفاق وتسهيله. بل على العكس من ذلك، تظهر الفصائل، في كل يوم، مزيداً من الإصرار على موقفها. هذا التعنت من قبل الفصائل، بالإضافة إلى التراخي التركي تجاهها، قد يدفع موسكو، ودمشق وحلفاءها، إلى إعادة تفعيل العمليات العسكرية في المنطقة لفتح الطريق بالقوّة، كما سبق وهدّدت الخارجية الروسية. وكانت موسكو أعلنت، قبل يومين، أن المسلحين أعادوا حشد قوّتهم العسكرية في منطقة إدلب، في ظل رفضهم تطبيق الاتفاق. وبحسب مصادر ميدانية مطلعة، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «الجيش السوري يبدي جهوزية عالية لإعادة إطلاق العمليات العسكرية في المنطقة»، وهو «يستعد لمعركة ربما باتت قريبة، نتيجة فشل تطبيق الاتفاق الروسي - التركي».
في غضون ذلك، تتابع أنقرة حشد قواتها في المنطقة، بشكل شبه يومي، تدخل أرتال عسكرية تركية كبيرة إلى إدلب، لتضاف إلى الموجودة هناك أصلاً. آخر هذه الأرتال دخل أمس عبر معبر كفرلوسين الحدودي في ريف إدلب الشمالي، كذلك أنشأت القوات التركية نقطة مراقبة جديدة لها في قرية رام حمدان في ريف إدلب الشمالي.
وكانت الفصائل المسلحة المتواجدة في إدلب خرقت مجدداً اتفاق وقف الأعمال القتالية بإطلاق قذائف صاروخية على بلدتي كفرنبل وحزارين في ريف إدلب الجنوبي. في المقابل، ردّ الجيش السوري على مصادر النيران، من دون أن يتطور الأمر إلى اشتباكات.
تتابع أنقرة حشد قواتها في المنطقة بشكل شبه يومي


في الأثناء، قالت الرئاسة التركية إن زعماء تركيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا ناقشوا، مساء أول من أمس، في خلال مؤتمر عبر الفيديو، الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين. وأضافت الرئاسة في بيان أن الزعماء بحثوا أيضاً «وسائل المساعدات الإنسانية لمحافظة إدلب بشمال غرب سوريا». وعقب المؤتمر الرباعي قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن «القمة شكلت فرصة لإجراء تقييم شامل للعديد من الملفات، منها الوضع الإنساني في إدلب، وسبل حل الأزمة السورية».
بالموازاة، تشهد أرياف دير الزور الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» نشاطاً أمنياً متصاعداً لخلايا تنظيم «داعش»، والتي نفّذت سلسلة من العمليات الأمنية في الأيام الأخيرة، تزامناً مع مرور عام على إعلان «التحالف الدولي» و«قسد» القضاء على التنظيم. وأمس، اقتحمت مجموعة مسلحة، من خلايا «داعش» في ريف دير الزور الشرقي، ملعب كرة قدم شعبي في بلدة الحوايج، وقامت بقتل أحد الاشخاص وحرق جثته. وقال شهود عيان إن مسلحي التنظيم رددوا عبارة: «هذا جزاء من يسلّم الإخوة». وجاءت الحادثة بعد أيام على تفجير مجموعة مسلحة يعتقد أنها من خلايا (داعش) منزلين في قرية درنج، مع حرق منزل في بلدة هجين. وتلاحق خلايا التنظيم من تتهمهم بالعمل ضد عناصرها، أو الوشاية بهم.


بالتزامن، شهد مقر لـ«قسد»، في بلدة الزر في ريف دير الزور، هجوماً شنته مجموعة مسلحة، ما أدى إلى إصابة عدد من عناصر «قسد» بجروح. كما وقع تفجير دراجة نارية مركونة بالقرب من مقر آخر لـ«قسد» في الشارع العام، وسط مدينة الشدادي جنوب الحسكة.
تؤكد مصادر محلية لـ«الأخبار» أن «المئات من عناصر التنظيم ينتشرون في عدد كبير من قرى الريفين الشمالي والشرقي لدير الزور، ويسعون لتطبيق أحكام التنظيم على المدنيين هناك». وتضيف أن «عناصر التنظيم يقومون بجباية الزكاة من المدنيين عبر إبلاغهم برسائل تلقى في منازلهم عن مبلغ ومكان تسليم الزكاة مع التهديد بالعقاب الشديد في حال المخالفة». وتلفت المصادر إلى أن «أهالي الريف لا يزالون يعيشون هاجس عودة التنظيم الذي يتصاعد نشاطه بشكل ملحوظ في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد». وتكشف المصادر أن «خلايا التنظيم غالباً تنشط ليلاً ولها سطوة كبيرة خلال ساعات الليل نتيجة انعدام حركة دوريات قسد في المنطقة».
ويبدو أن «داعش» يريد تأكيد وجوده في المنطقة رغم خسارته لكل المناطق التي كان يسيطر عليها. وترى مصادر أمنية حكومية أن التساهل الأمني من «قسد» هو ما يدفع خلايا التنظيم إلى النشاط من جديد، معتبرة أن «قسد تريد أن تقنع التحالف بأن خطر داعش لا يزال داهماً، وذلك للحفاظ على الوجود الأميركي في الشرق السوري، ودعمه لها».