دخلت «معركة يبرود» أمس مرحلة جديدة بعد مرور أكثر من شهر على بدايتها. فبعدما حشد منذ أول من أمس قواته استعداداً لدخول يبرود، تمكّن الجيش السوري صباح أمس من اقتحام الأحياء الشرقية للبلدة، ما دفع عدداً كبيراً من المسلّحين إلى بحث خيار «الانسحاب التكتيكي» باتجاه رنكوس. مصادر عسكرية أكّدت لـ«الأخبار» أن «الجيش بدأ بقضم الأحياء الشرقية من يبرود، فيما تركّزت نيرانه على المحاور الجنوبية والشمالية للبلدة».
المستشفى الميداني الأكبر التابع للمسلّحين، ولا سيّما مسلّحي «جبهة النصرة»، بات تحت سيطرة الجيش، بالإضافة إلى معمل المتّة ومستشفى الأمل. وأدّت المعارك أمس الى قتل عشرات المسلّحين، معظمهم قتل أثناء محاولة استرداد المنطقة الصناعية ودوار القليح، في الطرف الشمالي الشرقي من البلدة. وأضافت المصادر العسكرية: «ساهمت سيطرة الجيش على مرتفع العقبة المتاخم ليبرود بالكامل، بعد سيطرة جزئية في السابق، ونصب المدفعية الثقيلة عليه، بتأمين دخول الجيش إلى الأحياء الشرقية للبلدة». وأكّدت مصادر ميدانية ان التقدم في يبرود مستمر، وأن المسلحين فوجئوا بالهجوم الذي بدأ ليل أول من امس، في ظل ظروف مناخية سيئة. وشبّهت المصادر ما جرى أمس باليوم الاول من الهجوم على القصير، لكن من دون وقوع خسائر في القوة المهاجمة. ومهّد الجيش السوري لهجومه بتقطيع أوصال منطقة القلمون، لمنع المسلحين في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية من مساعدة زملائهم في يبرود. وشدد الجيش الحصار الناري على فليطا وعلى المزارع القريبة من رنكوس.
دخول الجيش إلى مدينة يبرود، إضافة إلى سيطرته على المناطق المحيطة بها، خلال الفترة الماضية، أثارا خلافاً بين المسلّحين حول مسألة الاستمرار في مقاومة تقدّم الجيش أو القيام بـ«انسحاب تكتيكي» باتجاه رنكوس. وقال مصدر مطّلع لـ«الأخبار»: «رفضت جبهة النصرة الانسحاب، فيما أصر عناصر من الجيش الحر على ذلك، واشتدّ الخلاف بينهما، فقرّر عناصر الحرّ الانسحاب وحدهم، إلّا أن النصرة هدّدتهم بالقتل إذا انسحبوا». لم يجرِ حل الخلاف بعد بين الطرفين، «إلّا أن عدد المسلّحين المؤيدين لرأي عناصر الجيش الحرّ يزداد على نحو كبير ومتسارع». والسبب، برأي المصدر أن لا أفق أمام المسلّحين للصمود أو الحفاظ على مواقعهم، «فواقع الحال اليوم يختلف عنه قبل شهر، لكون الجيش سيطر على كلّ المناطق المحيطة بالبلدة، وإذا لم يجر الانسحاب فسيضطرون إلى الاستسلام في النهاية حتّى لو صمدوا فترة إضافية».
في المقابل، اعترفت «جبهة النصرة» على لسان الناطق باسمها في القلمون عبد الله عزام الشامي، بأن «إحدى النقاط على محور العقبة سقطت واستغلها الجيش لضرب باقي النقاط مع هجوم متزامن (...) لذلك انسحب الاخوة الى نقاط خلفية». وأعلن ليل أمس مقتل القائد الميداني في «جبهة النصرة» «أبو عزام الكويتي» في المعارك في يبرود. وتجدر الاشارة الى أن «أبو عزام» هو أحد المسؤولين عن عملية خطف راهبات دير مار تقلا في معلولا، وكان المفاوض الرئيسي من جهة «النصرة» خلال عملية التفاوض للإفراج عنهن. وفي موازاة المعارك الدائرة في يبرود، توصّل الجيش قبل يومين، إلى اتفاق مع وجهاء الزبداني حول تسوية جديدة يجري بموجبها وقف إطلاق النار وتسوية أوضاع المسلّحين وفتح الطريق المؤدية إلى البلدة، وحل مشكلة المعتقلين والمخطوفين فيها. يقول أحد وجهاء الزبداني لـ«الأخبار»: «بعد توقيع أول تسوية قبل نحو سبعة شهور، اغتال مسلّحون من تنظيم جبهة النصرة، رئيس البلدية ووجيها آخر كان ضابطاً متقاعداً. إلّا أن توقّف تسلّل المسلّحين الأجانب اليوم من لبنان، ونجاح تسوية مضايا المجاورة، سهلا الأمر علينا، وعلى مسلّحي البلدة في التوصل إلى هذه التسوية». ومن شأن هذه التسوية، في حال نجاحها هذه المرة، أن تؤدي عملياً إلى تسريع إنهاء الحرب في منطقة القلمون، وخاصة في ظل اقتراب حسم الجيش السوري المعركة في يبرود. فمنطقة الربداني تمثل امتداداً لجبال القلمون، ويمر عبرها واحد من خطوط الامداد المفترضة لمسلحي بلدتَي رنكوس وعسال الورد في حال خوض معركة فيهما بعد يبرود.
من جهة ثانية، استمرّت المعارك في جوبر وداريا بين الجيش والجماعات المسلّحة المعارضة، في الوقت الذي لا تزال فيه المساعدات الغذائية معلّقة لادخالها الى مخيم اليرموك في ريف دمشق. وتدور المعارك في بعض أحياء المخيم، ولا سيّما في شارع الثلاثين بين مقاتلي الفصائل الفلسطينية ومسلحي «جبهة النصرة»، الذين اقتحموا المخيم منذ حوالى الاسبوعين.

«داعش» ينسحب من إدلب وريف اللاذقية

على صعيد آخر، وفيما تستمر معارك المعارضة بين «جبهة النصرة» و«الجبهة الاسلامية» و«جيش المجاهدين» من جهة، و«الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) من جهة أخرى، انسحب أمس مقاتلو «داعش» من محافظتي إدلب (شمالاً) واللاذقية (غرباً)، في اتجاه ريف حلب ومحافظة الرقة، التي تعد ابرز معاقلهم، على ذمة «المرصد السوري» المعارض. وتسلّم عناصر «النصرة» المراكز التي انسحب منها «داعش».
إلى ذلك، ذكر مصدر عسكري لـ«سانا» أن الطائرات الحربية استهدفت تجمّعات تابعة للمسلّحين في ريف حلب (شمالاً) في أحياء هنانو وبني زيد وبستان القصر وكرم ميسر والراشدين وباب النيرب والمدينة الصناعية ومحيط سجن حلب المركزي.