بغداد | البحث عن بديلٍ لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، مستمر. مساعٍ متوازية تبذلها الأحزاب والقوى السياسية للوصول إلى حلٍّ للخروج من الأزمة المستمرة منذ 1 تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي. في الإطار العام، ثمّة خياران: الأوّل بقاء عبد المهدي، والثاني البحث عن بديل.في الخيار الأوّل، ثمّة مساران متوازيان. الأوّل هو بقاء عبد المهدي، مصرّفاً للأعمال؛ وبذلك تُسند مهمة إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة إلى الحكومة الاتحادية الحاليّة، وقد سبق أن حدّد عبد المهدي الموعد الأوّلي لإجرائها مطلع كانون الأوّل/ ديسمبر المقبل. أما الثاني، فإعادة تكليف عبد المهدي، وتحديداً من قِبل «الكتلة النيابيّة الأكبر»، أي «تحالف البناء» (يضمّ إلى جانب هادي العامري، نوري المالكي وفالح الفياض وخميس الخنجر ومحمد الحلبوسي وآخرين)، هو أمرٌ واردٌ جدّاً، غير أن هذه الخطوة مرتبطةٌ بـ«ثلاث موافقات»، هي:
1- موافقة عبد المهدي، شخصيّاً، واستمرار بعض الأطراف في الضغط على الرجل ليعود عن قراره في «الغياب الطوعي». ثمة من يقول إن العودة ستكون «تدريجيّة»، بالتوازي مع الاتصالات القائمة. وإن أسفرت المباحثات عن اتفاقٍ على بديل فسيكون عبد المهدي في غنىً عن قرار «العودة». وإن فشلت، فستسلّم الأحزاب والقوى أمرها إليه، ولا سيما أنه أبدى بعض «الليونة»، وقد بدا ذلك في حراكه الأخير يوم الجمعة الماضي، والذي حمل رسالةً واضحةً بأنّه «جاهزٌ» (نوعاً ما) للتصدّي لمسؤوليّاته، علماً بأنّ بعض زوّاره يعبّرون عن «تململه» من المناخ السياسي السائد.
2- موافقة النجف، أي «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني). فبعدما دعت القوى السياسية إلى «إعادة النظر» في دعمها لعبد المهدي، أواخر العام الماضي، سارع الأخير إلى تقديم استقالته. ثمّة من يربط بين «تمريره» وبين رفع «الفيتو» عنه. هذا الرفض مردّه إلى موقف النجف، المنحاز إلى الشارع الرافض لاستمرار عبد المهدي في منصبه. لكن، وفي محاولةٍ لـ«الالتفاف» على ذلك، ثمة من يقول إن «النجف وبُعيد موقفها الرافض بالتدخل إيجاباً أو سلباً، في مسألة التكليف، أو حتى التعليق»، منحت القوى السياسية مساحةً لـ«المناورة» وتسمية من تراه مناسباً. في المقابل، ثمّة من يقول إن هذا الموقف لا يسري على إعادة تكليف عبد المهدي. هنا، يُنقل عن مطّلعين على مناخات النجف، إشارتهم إلى «الأحداث الأخيرة، وما نتج منها من رفع الدعم عن عبد المهدي، ومن الصعب أن يُمنح مجدّداً».
3- الشارع، وتحديداً المحتجون منذ 1 تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، إلى جانب «التيّار الصدري»، بزعامة مقتدى الصدر. موقف الغاضبين من التركيبة الحكوميّة مدعوماً بموقف الصدر، سيواجَه بموقف القوى الداعمة لعبد المهدي. وعليه، من شأن التفاهم مع الصدر، ضبط الشارع. هذه النقطة ــــ كما يُنقل عن المطّلعين ــــ «دقيقةٌ جدّاً»، فـ«انتزاع القبول من الشارع، مرتبطٌ بتفاهمات القوى السياسية»، وترجمة «دعم» عبد المهدي، في الشارع، مرتبطٌ أيضاً بالمكاسب السياسية التي سيحقّقها الصدر وتيّاره، في المفاوضات القائمة.
أما في الخيار الثاني، أي في الشقّ المتعلّق بـ«بدلاء» عبد المهدي، فيبرز في «بورصة» الأسماء، الآن، مدير جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمي، والمرشّح السابق على قائمة «تحالف الفتح» (ائتلاف الكتل المؤيّدة لخيار «الحشد الشعبي») علي شكري. الأنظار تتجه إلى الأوّل، وخاصّةً أن حظوظه مرتفعةٌ جدّاً، في ظل الدعم الإقليمي والدولي الذي يحظى به بالدرجة الأولى، وقبوله كمرشّح توافقيٍّ من مختلف الأطراف من القوى «الشيعية» و«السُنّية» و«الكرديّة» (والشارع) أيضاً بالدرجة الثانية، وقدرته على تنفيذ ما هو مطلوبٌ منه في المرحلة المقبلة، أي استعادة «هيبة الدولة» وفرض القانون، وإجراء الانتخابات المبكرة. وفي هذا السياق، وتحديداً في الشق المتعلّق بـ«اهتمام» طهران بالكاظمي، كانت لافتة زيارة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شامخاني له، حيث أكد أن «تشكيل حكومة قويّةٍ وفاعلةٍ ومنبثقة من أصوات الشعب العراقي، يمثّل رغبةً إيرانيّةً دائمة».