ترمي أنقرة بثقلها الميداني لدعم هجمات الفصائل المسلّحة التي تديرها على محور بلدة النيرب غربي سراقب، في الوقت الذي يغيب فيه حضورها على محاور أخرى، وعلى رأسها جبلُ الزاوية، حيث يقترب الجيش من السيطرة على أطرافه الشرقية، المحاذية للطريق بين خان شيخون ومعرّة النعمان من الغرب. ومنذ دخول الجيش إلى محيط سراقب الغربي (3 شباط)، وعلى رغم المعارك العنيفة التي دارت في ريفَي حلب الجنوبي والغربي، ينصبّ الاهتمام التركي الميداني على بلدة النيرب، حيث نصب الجيش السوري أول نقاطه على الطريق الدولي حلب - اللاذقية (M4)، بين سراقب وأريحا. وبعد هجمات متكرّرة على البلدة، تخلّلها قصفٌ متبادل قُتل على إثره عسكريون أتراك لا يُعرف عددهم بدقة، دخلت الفصائل المدارة تركياً أحياءها الشمالية والغربية، لتتواصل الاشتباكات في أطرافها الجنوبية، حتى وقت متأخر من ليل أمس.وفي موازاة التساؤلات بشأن الإصرار التركي على تسخين هذا المحور دون غيره، كان الجيش السوري يحقق تقدماً لافتاً في ريف إدلب الجنوبي، وتحديداً على الأطراف الشرقية لجبل الزاوية. انطلاقاً من الجنوب في محيط الهبيط، تقدّمت وحداته شمالاً لتسيطر بالكامل على تل النار وبلدات النقير وركايا والشيخ مصطفى وكفرسجنة وأرينبة وسطوح الدير، وصولاً (مساء أمس) إلى بلدات معرة حرمة ومعرزيتا وجبالا ومعرتصين. تقدُّمُ الجيش السريع، أمس، وضعه على الأطراف الجنوبية لبلدة كفرنبل والقرى المحيطة بها، إلى جانب تمركزه شرقيها في كفرومة غربي معرّة النعمان، بحيث باتت بلدات كفرنبل وحاس وبسقلا وحزارين على خط الاشتباك الأول. وعلى رغم أن الجيش التركي حاول الدفع بتعزيزات نحو جبل الزاوية، فقد استهدفتها غارات جوية ومنعتها من التمركز هناك. وإن استكمل الجيش عملياته شمالاً وسيطر على ناحية كفرنبل، سيكون أمام خيارين: أولهما التحرك غرباً نحو جبل شحشبو، أو التركيز على محيط الطريق الدولي (M5) بين كفرنبل وأريحا، مروراً ببلدات جبل الأربعين.
لافروف: الجيش التركي المنتشر في إدلب يرى ويفهم كلّ شيء


اللافت في موازاة تلك التطورات، غياب التصريحات التركية التي كانت «غزيرة» في الأسابيع الماضية، وذلك على رغم تنشيط القنوات بين أنقرة ومختلف الأطراف المعنيّين بتطورات شمال غرب سوريا، إذ بحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ونظيره البريطاني بين والاس، الوضع في إدلب ومحيطها، في مكالمة هاتفية أمس. وهو الاتصال العسكري الثاني - على مستوى رفيع - بين البلدين، بعدما بحث رئيس هيئة الأركان العامة التركي يشار غولر، ونظيره البريطاني نيكولاس باتريك كارتر، الملف نفسه الخميس الماضي. ولم يخرج عن الجانب التركي أيّ تعليق على حديث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن جولة جديدة مرتقبة من المحادثات الثنائية الديبلوماسية والعسكرية بين الجانبين. وقال لافروف، أمس، إنه «يجري الإعداد لجولة جديدة من المباحثات مع تركيا، ونأمل أن تقودنا إلى اتفاق على كيفية ضمان أن تكون منطقة خفض التصعيد حقيقة، بحيث لا يسيطر عليها الإرهابيون». وفي معرض ردّه على أسئلة صحافيين، أكد الوزير الروسي أنه «في اتفاق سوتشي، لم يوافق أحد على عدم الردّ على اعتداءات الجماعات الإرهابية، التي انطلق بعضها من محيط نقاط المراقبة التركية... وأنا واثق من أن الجيش التركي المنتشر في الميدان يرى ويفهم كلّ شيء تماماً». وانتقد لافروف المقاربة الأميركية تجاه الوضع في إدلب، ولا سيما إزاء سيطرة «هيئة تحرير الشام» هناك، بالقول إن «جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام تنظيمان إرهابيان وفق تصنيف مجلس الأمن الدولي، ووفق تصنيف الولايات المتحدة الأميركية، ورغم ذلك تخرج تصريحات من مسؤولين أميركيين، بِمَن فيهم المبعوث الأميركي إلى الشأن السوري جايمس جيفري، تعتبر أن من الممكن إقامة حوار مع هيئة تحرير الشام». ولفت إلى أنه «هذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها بمثل هذه التلميحات الواضحة، ونحن نرى ذلك أمراً غير مقبول». وذكّر لافروف بأنه «في العام 2016، تمّ التوافق على ترتيبات (لخفض التصعيد في سوريا) بعد توافق بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي باراك أوباما... الشرط الوحيد كان التزام الولايات المتحدة بفصل المعارضة المسلحة التي تعاونت مع واشنطن والجيش الأميركي عن الإرهابيين، ولكن ذلك لم يكن ممكناً لأن الأميركيين لم يتمكنوا من تحقيق ذلك، وكثيرون يقولون إنهم لم يريدوا ذلك، وراهنوا على أن جبهة النصرة تملك قوة مهمة».