غزة | على رغم «التسهيلات» الإسرائيلية الجديدة لقطاع غزة، والتي بدأ تنفيذها في الأيام القليلة الماضية بعد جهود الوسطاء المصريين والأمميين والقطريين، شرعت المقاومة الفلسطينية والأجهزة الأمنية في تنفيذ تدابير أمنية جديدة، جرّاء تقديرها أن احتمالية غدر الاحتلال لا تزال عالية. وعلمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن أمن المقاومة أصدر «تعميمات مشدّدة على المستويات القيادية والأخرى الميدانية بضرورة التزام قواعد الأمان في التحركات والأنشطة، وإيقاف التجمعات والتحركات الروتينية تحسباً لإمكانية تنفيذ عمليات اغتيال أو ضربة جوية قبل الانتخابات الإسرائيلية» التي ستجرى في الثاني من الشهر المقبل.ولم تقتصر التعليمات الجديدة على المقاومة، بل شملت الأجهزة الأمنية الحكومية التي تمّ إيصاؤها بمنع التجمّعات والتدريبات التي يجري فيها حشد كبير خشية تكرار سيناريوات مشابهة لبداية حرب 2008، عندما استشهد أكثر من 350 عنصراً من الشرطة في الضربة الجوية الأولى. كما أنه على مستوى المقاومة، لم تقتصر التعليمات الجديدة على المستوى القيادي، بل شملت مستويات وسطى يُخشى استهدافها، ضمن تقدير إسرائيلي بأن ذلك لن يؤدي إلى مواجهة، مثلما قد يحدث في حال اغتيال شخصيات بارزة.
على الصعيد الميداني، وعلى رغم توقف إطلاق البالونات المفخّخة تجاه مستوطنات «غلاف غزة»، لا تزال سلطات الاحتلال تعثر يومياً على عبوات ناسفة ألقيت بواسطة البالونات في وقت سابق. إذ أفادت وسائل إعلام عبرية، أمس، بالعثور على بالونات حارقة وأخرى مُحمّلة برأس قذيفة في مدينة عسقلان المحتلة. كما ذكر موقع «مفزاك درومي» أنه تمّ العثور على بالونات في «نتيف هعسراه» وأخرى عند بعض الشواطئ.
شملت التعليمات حتى مستويات وسطى والأجهزة الأمنية العادية


وبالعودة إلى «التسهيلات»، وصل المندوب القطري محمد العمادي، ونائبه خالد الحردان، إلى غزة عبر حاجز «بيت حانون ـــ إيرز» للإشراف على صرف دفعة جديدة من المنحة المالية لعشرات آلاف الأسر. وعلمت «الأخبار» أن العمادي أبلغ حركة «حماس» بتمديد المنحة حتى نهاية العام الجاري، وذلك «بتعليمات أميرية»، بعد تواصل رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، الموجود في الدوحة، مع الأمير تميم بن حمد في وقت سابق. من جهتها، أعلنت «حماس» أن قائدها في غزة، يحيى السنوار، اتفق مع العمادي، خلال لقائه به أمس، على صرف 12 مليون دولار بواقع مئة دولار «لمئة وعشرين ألف عائلة متعفّفة، ودعم زواج خمسمئة شاب غير قادرين على الزواج، ودعم المتقدّمين في السن بواقع مليونَي دولار، وتخصيص مليون آخر لترميم بيوت الفقراء، وتقديم مليون إلى متخرّجي الجامعات لاستخراج شهاداتهم العالقة بسبب عدم دفع الرسوم». أما «اللجنة القطرية لإعمار غزة»، فقالت إن قيمة المنح التي قدّمتها الدوحة منذ 2012 حتى نهاية العام الماضي «بلغت 890 مليون دولار».
على الجانب الإسرائيلي، رأى المحلّل العسكري في صحيفة «هآرتس» العبرية، عاموس هرئيل، أن «التسهيلات الجديدة... تُعدّ إنجازاً كبيراً بالنسبة إلى... السنوار»، مشيراً إلى أن الأخير «استخدم الضغط العنيف بذكاء ضدّ إسرائيل حتى حصل على تسهيلات لم تُقدَّم إلى غزة منذ سيطرة الحركة على القطاع عام 2007»، معتبراً أن هذا «لم يكن ليحدث لو أن إسرائيل لم تكن موجودة في حمّى الانتخابات». وقال هرئيل: «حماس لاحظت الضائقة السياسية التي تمرّ بها حكومة (بنيامين) نتنياهو، واستمرّت بالضغط وحصلت على التسهيلات. بالطبع، يجب الأخذ في الحسبان أن رئيس الحكومة يُحضّر مفاجأة عملياتية لحماس مثلما لمّح في الأسبوع الماضي. لكن حتى الآن حماس تحصل من إسرائيل على تسهيلات».