ورأى السفير السوداني الأسبق لدى واشنطن، الرشيد أبو شامة، أن التسوية المالية «تعني شطب القضية من أمام المحاكم الأميركية في حال قَبول الطرف الآخر العرض الحكومي... هذا تفكير جيّد من الحكومة (السودانية) التي تواصلت مع أصحاب المصلحة، وتوصّلت معهم إلى هذا الاتفاق، وتمكنوا من تقليص التعويض إلى مبلغ مقدور عليه». وعلى رغم موافقة الخرطوم على دفع التعويضات، في خطوة رآها البعض اعترافاً ضمنياً بارتكاب الجرم، فإن وزارة العدل قالت في اتفاقية التسوية، التي تَبيّن أنها مبرمة في السابع من الشهر الجاري، إن الحكومة (السودانية) «غير مسؤولة عن هذه الحادثة أو أيّ أفعال إرهابية أخرى»، لكنها دخلت هذه التسوية «انطلاقاً من حرصها على تسوية مزاعم الإرهاب التي خَلّفها النظام البائد، ولاستيفاء الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية».
تدفع الخرطوم تعويضاً لواشنطن على رغم تبرئتها سابقاً من «تفجير كول»
وبينما فاق عدد المدّعين خمس عشرة عائلة، اتَّهمت الخرطوم بتقديم الدعم لتنظيم «القاعدة» للقيام بتفجير السفينة، نفى السودان أيّ علاقة له بتفجير المدمّرة، إلى أن نال حكماً من «المحكمة الأميركية العليا» في نيسان/ أبريل من العام الماضي لمصلحته، وهو ما عدّته الحكومة السابقة انتصاراً لها، لكن القضية بقيت ماثلة أمام محاكم أميركية أخرى، الأمر الذي رأى رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، أنه لا فكاك منه إلا بدفع التعويضات. ولذلك، أعلن، في زيارته واشنطن نهاية العام الماضي، أن السودان «على بعد أسابيع من تسوية مع ضحايا العملية الإرهابية»، معتبراً أن على الحكومة تحمّل المسؤولية ليس في مطالبات «كول» وحدها، بل في تفجير سفارتَي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، مضيفاً إنه توصّل إلى اتفاق في شأن تلك المسائل كلّها بعد نقاشات مستفيضة مع المسؤولين الأميركيين حول الخروج من «قائمة الإرهاب».
لكن، بالنسبة إلى كثيرين، فإن «تسوية كول» قد لا تكون كافية لدى إدارة دونالد ترامب لإزالة السودان من «لائحة الإرهاب» المدرج عليها منذ 1993، إذ لا تزال هناك عناوين أخرى يمكن لواشنطن أن تتذرّع بها من أجل فرض مزيد من الشروط على الخرطوم، ومن بينها «التعاون في ملف الإرهاب ومحاربة الجماعات المتطرفة»، و«التزام متطلبات التحول الديموقراطي والانتقال السلمي للسلطة».