بدا أن العسكر هو مَن يملك الكلمة الفصل في هندسة سياسات البلاد
من جهتها، وبعدما بدا أن العسكر هو مَن يملك الكلمة الفصل في هندسة سياسات البلاد، ظهرت «قوى الحرية والتغيير» وكأنها تسعى إلى إثبات وجودها مجدّداً، وذلك بإعادة توجيه بوصلة النقاش نحو تشكيل الهياكل التي نصّت عليها «الوثيقة الدستورية» (المجلس التشريعي، تعيين الولاة)، وخصوصاً أنها لم تظهر تمايزاً مبدئياً واضحاً عن العسكر في موضوع التطبيع. وفي هذا الإطار، حذّر عضو «السيادي» من المكوّن المدني، محمد التعايشي، أمس، من فراغ سياسي في الولايات يهدّد المرحلة الانتقالية، داعياً إلى «مراجعة القوانين والترتيب لمرحلة ما بعد السلام»، بوصف ذلك جزءاً من «الوثيقة الدستورية التي نصّت على أن تُخصَّص الأشهر الستة الأولى لإحلال السلام»، وهو ما لم يتمّ بعد. وجاء تحذير التعايشي في وقت شهدت فيه عطبرة (شمال)، التي أشعلت فتيل «ثورة ديسمبر»، إغلاقاً شبه كامل للمدينة، في تصعيد يستهدف إقالة الوالي العسكري. وتقول مصادر محلية إن عطبرة تعيش حالة احتقان، في ظلّ استعدادات قصوى من جانب «لجان المقاومة» التي تعمل على التحشيد في الشارع، مضيفة أن «مطلب الثوار الرئيس هو عزل الوالي الفاسد» المتهم بتمكين أقاربه وإنشاء مشاريع خاصة به، فضلاً عن بيعه الدقيق المدعوم والوقود في السوق. وعلى رغم مرور أشهر على ولادة الحكومة الانتقالية، لا يزال معظم الولاة من العسكر، وتحديداً من منسوبي النظام السابق، فيما لم تحرّك حكومة عبدالله حمدوك ساكناً إزاء هذا الأمر.
إلى ذلك، غادر عضوا «مجلس السيادة»، محمد التعايشي وشمس الدين الكباشي، إلى عاصمة جنوب السودان جوبا أمس، لاستئناف المفاوضات المتعثرة مع الحركات المسلحة، والتي توقفت بعدما أجرى الوفد المفاوض مشاورات مع مكوّنات الحكومة والقوى السياسية ومنظمات المجمتع المدني. وانضمّ إلى وفد قوى «الحرية والتغيير» الموجود في جوبا القيادي في الحزب الشيوعي صديق يوسف، والقيادي في حزب «المؤتمر» عمر الدقير، في محاولة لحسم الخلافات التي نشبت بين «الجبهة الثورية» وحلفائها من «القوى الثورية».