«كرة النار» التي رماها رئيس الجمهورية برهم صالح، على البرلمان ورئيسه محمد الحلبوسي، ردّها الأخير على طريقته، متجنّباً - هو الآخر - سجالاً سياسياً يرى نفسه في غنى عنه في هذا التوقيت الحسّاس من عمر الأزمة التي يمرّ بها العراق منذ الأول من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. فسؤال صالح عن «الكتلة النيابية الأكبر» لتكليفها بتسمية بديل عن رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، أجاب عنه نائب الحلبوسي الأول، حسن الكعبي، قائلاً إن «رئاسة البرلمان أطلعت رئيس الجمهورية سابقاً على الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتاريخ 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وعلى أساسها كُلّف عادل عبد المهدي برئاسة الوزراء».غير أن «الكتلة الأكبر» كان أثير اللغط حولها منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في أيار/ مايو 2018. كما أن التوافق النيابي - السياسي، والذي حظي به عبد المهدي قبيل تكليفه، غَيّب أي حديث عن ملامح تلك الكتلة. وعليه، يُرجّح لجوء صالح وكتل نيابية إلى المحكمة الاتحادية برئاسة مدحت المحمود، لفضّ الاشتباك الراهن قبيل انتهاء المهلة الدستورية الخميس المقبل، علماً أن «الكتلة الأكبر» فُسّرت عام 2010 بالقول إنها «الكتلة التي تكوّنت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، ودخلت الانتخابات باسم ورقم معيّنين، وحازت على العدد الأكثر من المقاعد، أو الكتلة التي تجمّعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية، والتي دخلت الانتخابات بأسماء وأرقام مختلفة ثم تكتّلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب».
تنتظر رئاسة البرلمان إشارةً من «اللجنة القانونية» لاستئناف الجلسات الاعتيادية


وعلى ما يبدو، فإن حديث «الكتلة الأكبر» يستهدف تمضية الوقت في انتظار ما ستؤول إليه اللقاءات الحاسمة التي تعقدها الأحزاب والقوى السياسية لاختيار بديل من عبد المهدي. وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن «عملية الاختيار لن تكون مبنيّة على هذا الأساس، إنما بالتراضي والتوافق، وستكون الساعات الـ24 المقبلة حاسمة في انتقاء المرشح». وتضيف المصادر، أن الأسماء المطروحة ما زالت على حالها، والخيارات باتت محصورةً بين كلّ من: رئيس جهاز المخابرات الوطني مصطفى الكاظمي، وزير التعليم العالي قصي السهيل، النائب محمد شياع السوداني، وزير النفط الأسبق محمد إبراهيم بحر العلوم، ومحافظ البصرة أسعد العيداني. وتشير المصادر إلى أن حظوظ هؤلاء شبه متساوية، فيما ينتظر أن يتصاعد خلال الساعات القليلة المقبلة «الدخان الأبيض» الذي سيكشف اسم رئيس يحظى برضا «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، ومقبولية الشارع، وموافقة الأحزاب، علماً أن «عمر الحكومة الجديدة سيتراوح بين 8 أشهر وسنة كحدّ أقصى».
على خطّ مواز، تنتظر رئاسة البرلمان إشارة من «اللجنة القانونية» لاستئناف عقد الجلسات الاعتيادية. وفي هذا الإطار، يقول عضو اللجنة، حسن فدعم، في حديثه إلى «الأخبار»، إن «الكتل السياسية أنهت جميع خلافاتها المتعلّقة بفقرات قانون الانتخابات، باستثناء المادتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة المتعلقتين بالدوائر الانتخابية والترشيح الفردي». وتتعلّق أبرز النقاط الخلافية في قانون الانتخابات المرتقب بآلية احتساب أعلى الأصوات على مستوى الدوائر المتعددة، وكذلك ملف «الكوتا» النسائية، وموضوع الدوائر المتعددة أو الدائرة الواحدة، فضلاً عن اعتماد التصويت الالكتروني ومشاركة عراقيّي الخارج والنازحين. ويلفت فدعم إلى أن غالبية القوى السياسية الكبيرة ذهبت باتجاه دعم خيار الفائز بأعلى نسبة من الأصوات على أساس الدوائر المتعددة، فيما أيدت بعض الكتل الأخرى خيار أعلى الأصوات لكن ضمن دائرة انتخابية واحدة لكلّ محافظة، أي «الدوائر على مستوى عدد مقاعد المحافظة». أما «التحالف الكردستاني» فطالب باعتماد القانون الحالي، أي أن تكون المحافظة دائرة انتخابية واحدة، مع اعتماد نظام «سانت ليغو». كذلك، وصلت المباحثات السياسية إلى اعتماد عمر المرشح لعضوية البرلمان على 28 عاماً. وعلى ضوء التوافقات المذكورة، يمكن القول إن إقرار القانون في الجلسات المقبلة للسلطة التشريعية قد يكون قريباً.