تونس | زهاء أربعة الاف تونسي وقّعوا خلال ساعات عريضة تطالب بمحاكمة وزراء حكومتي حركة النهضة، بسبب ما كشفه رئيس الحكومة مهدي جمعة من معطيات كارثية حول الوضع الاقتصادي.
الدعوة التي أطلقها ناشطون وخبراء في الشؤون المالية ومحامون واعلاميون وجامعيون ترجمت حجم الغضب الموجود في الشارع التونسي بعد عامين من حكم الاسلاميين، وصلت فيهما البلاد إلى هاوية الإفلاس، اذ كشف وزير الاقتصاد والمالية والتعاون الدولي وأملاك الدولة الجديد حكيم بن حمودة أن الثغرة في ميزانية الدولة تصل إلى حوالى ٧ ملايين يورو. وأعلن بن حمودة أن نسبة الدين خلال العام الحالي ستصل إلى حوالى ٥٠ % وهي نسبة كارثية بكل المقاييس.
كذلك كشف رئيس الحكومة مهدي جمعة لأول مرة في حديث تلفزيوني مجموعة من المعطيات التي تترجم حجم الخراب الذي لحق بالبلاد خلال عامين من حكم الترويكا. وأعلن جمعة أن الدولة عاجزة عن انتداب الموظفين خلال العام الحالي، كما أنها أصبحت منذ ثلاث سنوات تلجأ للاقتراض ليس من اجل التنمية، بل من اجل الاستهلاك ودفع الأجور في الوقت الذي كانت فيه عام ٢٠١٠ تخصص ميزانية للتنمية من مواردها الذاتية، بمعنى آخر أن «الثورة التي اصبح اغلب التونسيين يضعونها موضع سؤال قد قادت البلاد إلى الهاوية».
المعطيات التي كشفها جمعة لقيت صدى واسعاً لدى الأحزاب السياسية والنقابات، اذ حيّت بعض الأحزاب منها نداء تونس وحركة الشعب والمسار الديموقراطي الاجتماعي الشجاعة التي تحلى بها جمعة في مصارحته للشعب بحقيقة الوضع الذي كانت حكومة حركة النهضة تتكتم عليه، لكنها اختلفت مع جمعة في دعوته إلى اكتتاب وطني لأن ميزانية المواطن التونسي أرهقها الارتفاع الجنوني للأسعار، الذي وصل إلى حوالى ٦٠ % مع ارتفاع معدل البطالة، الذي ارتفع بنسبة تصل إلى ٥٠ % خلال ثلاث سنوات من «الثورة»! «الالغام» التي زرعها الإسلاميون في الوزارات والصعوبات الاقتصادية تجعل من مهمة جمعة مهمة شبه مستحيلة، لكن التونسيين لم يعدموا الأمل، ما يطرح السؤال عن حظوظ جمعة في إيجاد الحل السحري لمشاكل تونس العاجلة بعد عامين من التخريب، الذي تعرضت له موؤسسات الدولة بفعل الثوريين الهواة. وكما حصل في مصر، فإن حكومة جمعة ستلجأ إلى طلب المساعدة من الدول الصديقة والشقيقة التي عدّها ««الأمل الوحيد لانقاذ البلاد»، وفي هذا السياق أعلن جمعة أنه سيقوم بجولة خليجية تشمل السعودية والكويت والإمارات وسلطنة عمان والبحرين كما سيزور فرنسا والولايات المتحدة.
اعلان جمعة عن جولته الخارجية تزامن مع وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تونس في زيارة اثارت الكثير من علامات الاستفهام، وكذلك زيارة رئيس الحكومة الايطالية ماتيو رينيزي في اول سفر له خارج بلاده، بما يؤكد الأهمية الاستراتيجية لتونس بالنسبة إلى إيطاليا. وكانت ايطاليا قد جمدت علاقاتها على نحو ضمني مع تونس منذ صعود حركة النهضة إلى الحكم بعد سنوات من العلاقات المتميزة مع نظام بن علي. زيارة لافروف وبرغم أن البيان الرسمي عدّها دعماً للانتقال الديمقراطي في البلاد ومساندة لها في مواجهة الصعوبات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها الا أن مطلعين من مصادر دبلوماسية أكدوا لـ «الأخبار» أن الملف الأمني كان هو الأولوية في المباحثات التي أجراها لافروف مع المسؤولين التونسيين. وأوضحت المصادر أن تركيز روسيا على الموضوع الأمني ينبع من خشيتها «أن تُستعمَل تونس كممر أمن للسلاح لتقويض استقرار الجزائر الحليف القوي في المنطقة للروس، وخاصة في ظل انهيار الوضع الأمني في ليبيا». وكشفت مصادر مطلعة لـ «الاخبار» أن الملف الأمني أيضاً حضر على جدول أعمال رئيس الحكومة الإيطالية، وتصدرت الأوضاع على الحدود الليبية جدول اعمال المباحثات، كذلك ملف الهجرة السرية والإرهاب.