ريف دمشق | عاد التوتر إلى مخيم اليرموك. توقّف دخول المساعدات الإنسانية منذ اقتحام «جبهة النصرة» أجزاءً من المخيم قبل يومين، في وقت يتهيّأ مقاتلو الفصائل الفلسطينية من تجمّع أبناء المخيم لتنفيذ هجوم على «النصرة». وحتى اليوم، لم يخض المقاتلون والقوّة الفلسطينية المشتركة أي مواجهة عسكرية، على رغم «الممارسات الاستفزازية» التي قامت بها «الجبهة»، كإعلان فشل المبادرة الفلسطينية الرامية إلى إرساء الهدوء في المخيم، واعتقالها الناشطين الذين أسهموا في تنفيذ بنود المبادرة، وإعادة مظاهر الحرب إلى أحياء المخيم الجنوبية.
نُشرت الحواجز وتوزّع القناصة، وعاد أهل المخيم للحديث عن تفخيخ المنافذ بين المناطق التي سيطرت عليها «النصرة» وتلك التي لا تزال تحت سيطرة القوة الفلسطينية المشتركة، والتي تمثّل ساحة الريجي حدّها الفاصل.
وأفادت مصادر فلسطينية عن وصول دفعات من الأسلحة إلى مقاتلي الفصائل استعــداداً لمواجهة محتملة مع المجموعات المسلّحة، في حال فشل المفاوضات مع مقاتلي «النصرة».
وتشير بعض المصادر في المخيم إلى دخول عناصر من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») إلى اليرموك من جهة الحجر الأسود واحتلالهم لمبنى المحكمة ورفع رايات تنظيمهم عليه. وبحسب المصادر، حدّد عناصر «داعش» هدفهم من العمليّة بالتصدي لما سمّوه «المصالحة الوثنية»، واعتقلوا عدداً من الشبان المشاركين في أعمال المبادرة في المخيّم. كذلك هددوا «كل من يضع يده في أي خطوة من المبادرة».
واعتقلت «النصرة» اثنين من المسعفين من مستشفى فلسطين، ممن أسهموا في إخراج حالات مرضيّة من المخيم خلال فترة تنفيذ المبادرة.
وأرجأت الفصائل الفلسطينية أي رد فعل عسكري «حرصاً على المبادرة»، بحسب قياديين فلسطينيين، فيما انطلقت مساعي الفصائل الفلسطينية من خلال المسلّحين الفلسطينيين في محاولة لإقناع «الجبهة» بالانسحاب من المخيّم. إلّا أنّ «كل تلك المحاولات باءت بالفشل، حتّى الآن»، يقول قيادي ميداني في تجمّع أبناء اليرموك لـ«الأخبار»، ويضيف: «لا يبدو أن النصرة ستنسحب بالكلام وحده، هذا ما يقوله الواقع الميداني، الأرجح أنّها تريد استدراج الجيش السوري إلى منازلة معها على أرض المخيّم». ما يؤكّد كلام القيادي الكثير من الشائعات التي تداولها الفضاء الإلكتروني، فقد نشرت صفحات «تنسيقيات الثورة السورية» على «فايسبوك»، خبراً مفاده نيّة الجيش في الدخول إلى مخيّم اليرموك، سرعان ما نفته مصادر رسميّة سورية وقوى فلسطينية كـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ــــ القيادة العامة»، التي أكّدت من جهتها أن الدولة السورية نقلت الملف إلى الفصائل الفلسطينية الأربعة عشر منذ ما قبل انطلاق المبادرة.
وعُقد أمس اجتماع ضم الفصائل الفلسطينية بالقرب من ساحة الريجي لمعالجة اقتحام «جبهة النصرة» للمخيّم.
وأدانت الفصائل في بيان مشترك «العدوان الجديد على مخيم اليرموك بما يمثل من رمزية وطنية وسياسية» وتحميل «المجموعات المسلحة وعلى رأسها جبهة النصرة المسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة أهلنا في المخيم»، ومواصلة الجهود الحثيثة «من أجل تنفيذ المبادرة الفلسطينية التي حظيت بالإجماع الوطني الفلسطيني، والدعم المطلق من حكومة الجمهورية العربية السورية».
ومن جانبها، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، أن تجدّد القتال في مخيم اليرموك عطّل توزيع المساعدات على الآلاف داخل المخيم.
وأوضح المتحدث باسم الوكالة كريس غانس، في مؤتمر صحافي «أن الوكالة لم تتمكن من توزيع حصص الطعام في مخيم اليرموك منذ الأحد الماضي». ودعا كل أطراف الصراع إلى وقف «الأعمال الحربية، والسماح فوراً باستئناف عمليات توزيع المساعدات»، مؤكداً أن «الأونروا»: «لا تزال قلقة للغاية بشأن الموقف الإنساني في مخيّم اليرموك».

استمرار المعارك في يبرود

ميدانياً، استمرّت المعارك العنيفة بين الجيش السوري والجماعات المسلّحة المعارضة في يبرود في القلمون (ريف دمشق الشمالي). فبعد السيطرة على بلدتي السحل والعقبة القريبتين من يبرود ووصوله إلى تخومها، كثّف الجيش ضربات سلاح المدفعية والجو في منطقة مزارع ريما وأطراف يبرود. كذلك دمّر عربات مزودة برشّاشات متوسطة بمن فيها من مسلّحين، بحسب ما ذكرت وكالة «سانا» الإخبارية. في المقابل، ذكرت مصادر معارضة على صفحات «التنسيقيات»، أن «اشتباكات تواصلت على أطراف يبرود». وأضافت أن «الطيران الحربي قصف مناطق جرد فليطة والمعرة بمنطقة القلمون».
وفي الغوطة الشرقية، تحدّثت مصادر عسكريّة أمس عن مقتل عددٍ من المسلّحين، من «جيش الإسلام» و«لواء الصادقين» في كمين جديد، في بلدات بئر القصب وتل دكوة.
إلى ذلك، وقع أمس تفجير بسيارة مفخخة قرب حاجز أبو قاووق في المنطقة الواقعة بين سعسع وخان الشيح، جنوب غرب دمشق، ما أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى. وتلت التفجير اشتباكات بين الجيش ومسلحين هاجموا مواقع له. وفي ريف درعا، جنوب دمشق، اندلعت اشتباكات بين الجيش والمسلّحين في بلدة سملين غرب المحافظة، بحسب ما نقلت «سانا».
وفي ريف حمص، تواصلت المعارك بين الجيش والمسلحين في بلدة الزارة في ريف تلكلخ. فيما استمرت الاشتباكات على أطراف إدلب شمالاً، وفي بلدات سراقب والمسطومة التي قالت «التنسيقيات» إن المسلحين المعارضين سيطروا على عدة حواجز فيها.
وفي حلب، جرت اشتباكات بين وحدات الجيش والمسلحين في مناطق كروم بيت بري والبلدات المحيطة بها قرب مطار النيرب العسكري، وكذلك في الشيخ نجار ومحيط مطار حلب الدولي وطريق النقارين، في وقت شهدت فيه منطقتا كورين وعين الشيب حركة نزوح للأهالي نتيجة المعارك، بحسب ما نقل الناشطون.
واستمرت المعارك في محيط سجن حلب المركزي، وحيلان والجبيلة وكويرس والجديدة وحريتان وديمان وبستان القصر.