دخلت أزمة سدّ النهضة في طريق مسدود، بعد فشل مباحثات وزراء الريّ في كلّ من مصر والسودان وإثيوبيا، والتي كانت الثانية في أقلّ من شهر (بعد نحو 15 شهراً من الجمود)، فيما تمّ الاتفاق على عودة الاجتماعات مرة أخرى في أديس أبابا. وأرجعت القاهرة إخفاق جولة التفاوض الثانية إلى «تشدّد الجانب الإثيوبي ورفضه جميع الأطروحات التي تراعي مصالح مصر المائية وتتجنّب إحداث ضرر جسيم لها». وأشارت وزارة الريّ المصرية إلى أنه في حال لم ينجح الأطراف في حلّ الخلاف بالمشاورات، «يمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق أو الوساطة أو إحالة الأمر على رؤساء الدول أو رؤساء الحكومات».ووفقاً لمصادر مطّلعة، قدمت إثيوبيا مقترحاً جديداً اعتبرته مصر «رِدّة» عن كلّ ما سبق الاتفاق عليه من مبادئ لعملية ملء السدّ وتشغيله، لأن المقترح خلا من «ضمان وجود حدّ أدنى من التصريف السنوي من سدّ النهضة، والتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتدّ التي قد تقع مستقبلاً». كما لا تزال أديس أبابا، بحسب المصادر، ترفض مناقشة قواعد تشغيل «النهضة»، مصرّةً على قصر التفاوض على مرحلة الملء وقواعد التشغيل أثناءه، وهو ما تراه القاهرة مخالفاً لاتفاق إعلان المبادئ، ومتعارضاً مع الأعراف المتّبعة دولياً للتعاون في بناء وإدارة السدود على الأنهار المشتركة. لكن الحكومة الإثيوبية أكدت أنها على استعداد لحلّ أيّ خلافات حول السدّ بالتشاور مع مصر والسودان، واعدةً بتعزيز جهودها لإنجاح الحوار الثلاثي المستمر.
من جهته، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن الدولة بكل مؤسساتها ملتزمة «حماية الحقوق المائية المصرية، ومستمرة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي وفي إطار محدّدات القانون الدولي لحماية هذه الحقوق»، مضيفاً: «سيظلّ النيل الخالد يجري بقوة رابطاً الجنوب بالشمال برباط التاريخ والجغرافيا»، مع العلم أن نظامه قدّم طلباً رسمياً لإدخال وسطاء دوليين إلى التفاوض، وهو ما رفضه الطرفان الآخران، خاصة أن «إعلان المبادئ» ينصّ على أن إدخال الوسيط الدولي يحتاج إلى موافقة الأطراف كافة. وتريد مصر إدخال الولايات المتحدة كوسيط، وهي رحّبت بالتصريح الصادر عن البيت الأبيض قبل أيام حول دعم المفاوضات بين البلدان الثلاثة. أما السودان، فقال مسؤولون فيه إن رفض الوساطة الدولية يعود إلى أنه لا حاجة إليها الآن، علماً أن الخرطوم تدعم المقترح الإثيوبي بقصر التفاوض على مرحلة ملء السدّ وقواعد تشغيله أثناء ذلك.