لا وقت محدّداً، على ما يبدو، لإعادة تأهيل منشأتَي «أرامكو» النفطيتين اللتين تعرّضتا لهجمات يمنية منتصف الشهر الجاري، إذ إن بعض الروايات تناقض تلك الرسمية، التي تؤكد عودة الإنتاج بطاقته الكاملة في غضون أسبوع، بعدما تقلّص إلى النصف. إزاء الأجواء التفاؤلية المُشاعة، تؤكد مصادر سعودية أن استعادة العمليات وتأهيل ما دُمِّر في بقيق وخريص قد يستغرقان مدّة تصل إلى عام.وعطفاً على ما أعلنه وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، الأسبوع الماضي، حين تحدث عن استئناف الإنتاج كاملاً في نهاية الشهر الجاري، نقلت «رويترز» عن مصدر قالت إنه مطّلع على أحدث التطورات قوله إن المملكة استعادت حوالى 75% من فاقد إنتاجها للخام، وستعود إلى كامل الكميات بداية الأسبوع المقبل. المصدر أضاف أن إنتاج النفط من خريص يفوق حالياً 1.3 مليون برميل يومياً، بينما الإنتاج الحالي من بقيق عند حوالى ثلاثة ملايين برميل يومياً. ونتيجة هذه التقديرات، انخفض خام «برنت» 30 سنتاً إلى 63.98 دولاراً للبرميل، وفقد خام «غرب تكساس الوسيط» الأميركي 35 سنتاً، ليُسجّل 57.74 دولاراً للبرميل.
أعرب موظّفو «أرامكو» عن دهشتهم عندما سمعوا ابن سلمان يتحدّث عن انتعاش الشركة


في مقابل ذلك، أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن استئناف العمليات كاملةً في منشأتَي بقيق وخريص قد يستغرق «أشهراً عديدة»، كاشفة، نقلاً عن مسؤولين سعوديين، أن المجموعة أجرت «محادثات طارئة» مع صانعي المعدات ومقدّمي الخدمات، وعرضت أن تدفع أسعاراً أعلى في مقابل الحصول على القطع التي تلزمها، إلى جانب أعمال الإصلاح والترميم. وخلال جولة للصحافيين على المنشأتين يوم الجمعة الماضي، قال المسؤول في «أرامكو»، فهد عبد الكريم، إن المجموعة بدأت بالفعل بشحن معدات من الولايات المتحدة وأوروبا لإعادة بناء ما تضرر. ومع ذلك، يقول المسؤولون الذين تحدّثت إليهم الصحيفة إن «الهدوء» على أعلى مستويات الشركة والحكومة السعوديتين ليس منطقياً، خصوصاً أن العودة إلى ما قبل 14 أيلول/ سبتمبر قد تستغرق مدة تصل إلى عام لتصنيع وتسليم وتركيب قطع الغيار والمعدات. ونقلت عن مسؤول سعودي «(أننا) ما زلنا نبحث عن قطع غيار»، وأن الوضع ليس «وردياً كما يُعتقد». وينسحب هذا التقدير على معظم الخبراء التقنيين الذين عاينوا الدمار بصورة مباشرة، إذ قدّر هؤلاء أن الأمر قد يستغرق ثمانية أشهر.
ويصوّر تقرير الصحيفة الأميركية حالة اليأس التي تعتري المسؤولين السعوديين، فهم يشيعون أجواء التفاؤل في العلن، بينما يشاركون سِراً في محادثات طارئة حول كيفية إصلاح الأضرار التي قد تصل تكلفتها إلى مئات الملايين من الدولارات، وفق أحدهم. وبحسب هؤلاء، فإن المملكة إذ تكافح من أجل التعافي سريعاً من الهجمات التي جاءت قبل أسابيع قليلة من إحياء الحكومة خطط طرحها العام الأولي لأسهم «أرامكو». يبدو أن «الاكتتاب العام ووضع الشركة المالي، إلى جانب اقتصاد البلاد، في خطر».
وفي محاولتها تهدئة الأسواق بعد ارتفاع أسعار النفط بشكل قياسي الأسبوع الماضي، أعلنت الرياض، على لسان وزير الطاقة والرئيس التنفيذي لـ«أرامكو» أمين الناصر، أن الإنتاج سيعود بكامل طاقته في نهاية الشهر الجاري. وأكّدت أن المملكة تمكّنت من إعادة مستوى الإمدادات للعملاء إلى ما كان عليه قبل الهجمات من خلال السحب من مخزوناتها الضخمة. لكن موظفي «أرامكو» أعربوا عن دهشتهم عندما سمعوا ابن سلمان يتحدّث عن انتعاش الشركة، وفق الصحيفة. وفي الوقت نفسه، يعبّر العديد من المديرين التنفيذيين وأعضاء مجلس إدارة الشركة بشكل خاص عن شكوكهم في قدرتها على تحقيق هدفها. ووفق أحدهم، فإن «أعضاء مجلس الإدارة يشعرون بالرعب» من فكرة أن «أرامكو» يمكنها إعلان مثل هذه التقييمات المتفائلة.