ميسر السردية* لم يكن تصويت مجلس النواب الأردني بطرد سفير الكيان الصهيوني من عمان وسحب سفير الأردن من تل الربيع في جلسته التي عقدها تحت بند ما يستجد من أعمال يوم الأربعاء بالقرار الأول من نوعه؛ إذ سبق أن صوت المجلس على قرار مشابه مطلع عام 2013، إلا أن الحكومة الأردنية لم تتخذ إجراءً يذكر آنذاك .

عدم اتخاذ الحكومه لإجراءت حقيقية يلمسها النواب والشعب الأردني للمرة الثانية في ما يتعلق بممارسات الكيان الاسرائيلي لن يصب حالياً في إيجابية العلاقة بين كل الأطراف، وسيعزز تجاهل السلطة التنفيذية لإجماع المجلس، الشكوك حيال جدية الحكومة في معالجة كافة الملفات الوطنية الساخنة وليس ابتداءً من ملفات فساد أصبحت أثراً بعد عين، وصولاً إلى ممارسات شتى بدأت منذ منتصف عقد التسعينيات من القرن المنصرم وحتى الوقت الحالي، حيث يلحظ المتعقب لها (أي تلك الممارسات) أنها لم تصب إلا في مصلحة إضعاف الطرف الاردني اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وقد يتساءل المراقب عما حدث لقطاع الزراعة الذي أنهكه بالكامل غزو المنتجات الصهيونية للسوق الأردنية، فضلاً عن فورة بيع أراضٍ شاسعة في صحراء الأردن بطريقة مريبة ولأطراف غامضة، مروراً بقانون جوازات السفر الذي يمنح الحق للحكومة بمنح جوازات سفر لـ«حالات إنسانية»، حتى بزغ أخيراً خبر مفاده نية الأردن استيراد الغاز الإسرائيلي. يضاف إلى كل ذلك، مفاوضات السلام الغامضة الحالية ما بين السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي؛ فنحن، النواب، لا نعرف عن مكنونها شيئاً، ولا نعرف ما هي وجهة النظر الرسمية الأردنية إزاءها. كل ما نعرفه طروحات إسرائيلية صريحة حول حل يتجاهل المصالح الفلسطينية والأردنية، بل إن تسيفي ليفني صرحت في مجلس وزراء العدو حرفياً في نقاش مع وزير الصحة: «قريباً ستتفاجأون باعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة»! وذلك وسط ما يُتداوَل حول كونفدرالية الأراضي المقدسة التي تصبّ جميعاً في ازدياد تخوف الشعب الأردني والفلسطيني من إعلان الوطن البديل على نار هادئة.
على هذه الخلفية انظر إلى تنفيذ قرار البرلمان أعلاه بأنه قد يشكل رافعة للدولة الأردنية بكل مكوناتها، للحيلولة دون تنفيذ أي مشروع يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وإضاعة الهوية الاردنية.
*عضو مجلس النواب الأردني