بعدما كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن هجوم كبير يستعد مسلحو المعارضة السورية لشنه انطلاقاً من منطقة درعا والحدود الأردنية، بهدف قلب موازين القوى ميدانياً وسياسياً، وجّه الجيش السوري ضربة موجعة للمسلحين امس، إذ تمكن من قتل أكثر من 150 من المسلحين على تخوم الغوطة الشرقية (ريف دمشق).
ميدانياً، يعدّ هذا الكمين الأضخم للجيش السوري منذ بداية الحرب. ففضلاً عن العدد الكبير من المسلحين الذين وقعوا فيه، لفتت مصادر ميدانية إلى انهم ينتمون إلى «جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية»، وسبق أن تلقوا تدريبات عسكرية متقدمة.
أما سياسياً، فالكمين، بحسب مصادر عسكرية، يوجه رسالة إلى الرعاة الخارجيين للمعارضة تفيد بأن سعيهم إلى تحريك الجبهة الجنوبية في سوريا لن ينجح في تغيير موازين القوى. وتزداد «أهمية هذه الرسالة»، إذا ما ثبت أن المسلحين الخارجين من الغوطة الشرقية كانوا يتجهون نحو درعا، في منطقة الحدود السورية ــ الأردنية.
جرى تنفيذ الكمين في منطقة قريبة من بلدة العتيبة، الواقعة في أقصى شرقي الغوطة الشرقية، على دفعتين. نحو 20 مسلحاً كانوا يشكلون وحدة استطلاع تتقدم نحو 180 مسلحاً آخرين. عبر المستطلعون نقطة المكمن. وعندما وصلت إليها القوة الرئيسية، جرى تفجير عبوات ناسفة كبيرة، قبل أن تقع اشتباكات مع قوة الاستطلاع. وقتل أكثر من 150 مسلحاً، فيما أسرت القوة الكامنة أكثر من 25 مسلحاً أصيب عدد منهم بجروح.
مصدر رسمي سوري قال لـ«الأخبار» إن «الجيش كان على استعداد لأي هجوم مباغت بعد رصده تحركات على الحدود الأردنية»، مضيفاً: «بناءً على الرصد والمعلومات الداخلية نتيجة الاختراق، استطعنا تنفيذ هذا الكمين». وأكد المصدر أن القوة الكامنة حصلت على مستندات مهمة كانت في حوزة المسلحين الذين وقعوا في الكمين.
وأضاف المصدر: «الجيش السوري على استعداد لضرب الإرهاب القادم من أي مكان أتى، ومن بينه القادم من الحدود الأردنية باتجاه درعا، وصولاً إلى العاصمة، أو الخارج من الغوطة باتجاه درعا. وعلى الدول الغربية والعربية الداعمة للإرهاب في سوريا، أن تعلم أن كل مخطّطاتها ستفشل». وهذا الكمين ليس الاول الذي ينفّذه الجيش السوري ضد المسلحين قرب العتيبة، إذ سبق أن قتل أكثر من 50 مسلّحاً قرب بحيرة البلدة في تشرين الاول الماضي. ومنذ نيسان الماضي، انتقل المسلّحون في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، إلى مرحلة الدفاع عن أنفسهم بدل الهجوم على العاصمة، بعدما استطاع الجيش السوري تطويق المنطقة التي تضم العدد الأكبر من المسلّحين في ريف العاصمة. ولاحقاً، أتاحت السيطرة على بلدة العتيبة، التي تعدّ إحدى أهم النقاط الاستراتيجية أقصى شرقي الغوطة باعتبارها الممر الرئيسي للسلاح والمسلحين من البادية والعراق والأردن الى سائر ريف دمشق الشرقي، للجيش حصار المسلحين الذين كانوا يحاصرون العاصمة. وفي الايام الماضية، ضجّت وسائل الاعلام الغربية والعربية بمعلومات عن دعم أميركي وسعودي للمسلّحين في منطقة الحدود السورية ـــ الأردنية، تمهيداً لهجوم كبير على العاصمة من الجبهة الجنوبية، وتحديداً درعا.
على صعيد آخر، بدأ سكان بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم وسيدي مقداد (في ريف دمشق الجنوبي)، بالعودة إلى منازلهم في اليومين الماضيين، استكمالاً لتنفيذ اتفاقات التسوية في تلك المناطق. ولم تسجّل تلك التسويات أي خرق، حتّى يوم أمس، بعد إغلاق الحاجز الواقع على مدخل حي سيدي مقداد، بسبب سماع أصوات اشتباكات في عمق الحي. وأشارت المصادر إلى أن الاشتباك جرى بين مسلّحين متشددين، معظمهم من الأجانب، ممن أجبروا على الانسحاب من يلدا، ولدى وصولهم إلى أطراف سيدي مقداد، من جهة العمق، اشتبكوا مع عناصر للجيش كانوا يتسلّمون نقاطاً عسكرية من المسلّحين، بموجب بنود التسوية.
وفي مخيّم اليرموك، انتشرت اللجان العسكرية للفصائل الفلسطينية في النقاط المتّفق عليها في الاجتماع الأخير للفصائل، وبلغ عدد المسلّحين المشاركين في تلك اللجان نحو 140 مسلّحاً. وبحسب مصادر من اليرموك، تولّى الأخيرون حراسة المخيّم من الأطراف الجنوبية له، في محيط مشفى فلسطين ونهاية شارع الثلاثين، فيما استمرّ توزيع المواد الإغاثية في المخيم، وإخراج الحالات الإنسانية الحرجة، التي بلغ عددها أمس نحو 150 حالة.
أكثر من 3300 قتيل في معارك المعارضة
من جهة أخرى، أعلن المرصد السوري المعارض مقتل 3300 شخص في المعارك الدائرة منذ كانون الاول الماضي بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» والفصائل المعارضة التي تعاديه، وعلى رأسها «جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين».
وقال المرصد إن بين القتلى نحو 281 مدنياً، فيما توزع الباقون على المسلحين المنتمين إلى طرف النزاع. في موازاة ذلك، سيطر الجيش ليل أول من أمس على مستودعات ومعامل في منطقة الشيخ سعيد في حلب، فيما سيطر تنظيم «داعش» على حيّ الهلك في حلب بعد انسحاب مسلحي «الجبهة الإسلامية» نحو منطقتي بعيدين وجندول. من جهة أخرى، أعاد «داعش» تموضعه في ريف حلب حيث نقل عدداً من المدرعات من اعزاز (شمال حلب) إلى منبج (شمال شرق حلب)، وانسحب من عدة قرى واقعة بين مارع وتلرفعت واعزاز من دون قتال. وفي الريف الشمالي، وجهت «غرفة عمليات اخترين» في «الجبهة الإسلامية» تحذيراً إلى سكان سبع قرى يسيطر عليها «داعش» لمغادرتها خلال أربع وعشرين ساعة وأعلنتها «منطقة عسكرية يمنع الدخول إليها والخروج منها، وذلك حرصاً على الأهالي ولعدم تمترس عصابة البغدادي واتخاذهم دروعاً بشرية».

يمكنكم متابعة رشا أبي حيدر عبر تويتر | @RachaAbiHaidar