أسهم الانفلات الأمني وعناصر من النظام السابق في تأجيج الفتنة
ويرى كثيرون أن هناك أيادي خارجية ودولاً تريد العبث بأمن منطقة البحر الأحمر، لأن الصراع في السابق لم يصل إلى هذه المرحلة، رابطة ذلك بأطماع الدول الخليجية في السيطرة على موانئ البحر الأحمر. ولم يكن هذا الرأي بعيداً عما ذكر في بيان مدير الإعلام في القصر الجمهوري، العميد الطاهر أبو هاجة، الذي كشف عن «تدخلات خارجية وداخلية لتأجيج الصراع ونقله إلى مدن أخرى»، فيما أكد بيان «تجمع المهنيين السودانيين» رصده محاولات «المتربصين لتأجيج الصراع القبلي» في البلاد.
تعقيباً على ذلك، يقول الكاتب والصحافي المتخصص في ملف الشرق، عبد القادر باكاش، إن القبيلتين متجاورتان في السكن ولا توجد بينهما نزاعات حول الأراضي، لكن الحدث تطور من نقاش بين شخصين على ضوء اعتداء أشخاص من قبيلة النوبة (نقرز) على محال تجارية تابعة لبني عامر، وكان يمكن إخماده سريعاً، لكن «تساهل بعض الأجهزة النظامية ساعد في إشعال الفتنة التي أدت إلى تمثيل بالجثث وحرق للمنازل وملاحقة كبار السن والأطفال». ويقول باكاش لـ«الأخبار» إن حالة الفلتان الأمني بعد سقوط نظام البشير والإخفاقات التي أصابت الخطة الأمنية التي وضعت لمواجهة الأزمة أدت إلى تفاقمها، خاصة أن السلطات قيّدت 1070 بلاغاً ضد مجهول في أحداث المدينة.
واستدرك باكاش: «تدخل الجيش دون الشرطة زاد الأمر سوءاً، لأن طبيعة عمل القوات المسلحة لا تتوافق مع الأحداث، وكان الأفضل إسناد المهمة إلى الشرطة». الكاتب نفسه يزيد على الأسباب خطة الوالي الأسبق، اللواء ركن عصام عبد الفراج، التي يرى أنها لم تراعِ البعد الأهلي، علماً بأن «المجلس السيادي» أقال والي البحر الأحمر على خلفية الاشتباكات، وبعد ذلك طالب المواطنون بتكليف والٍ مدني، لكن لم يستجبْ لطلبهم. ويبدو أن الإقالة التي شملت عبد الفراج ومدير مخابراته، لم تهدّئ الأوضاع، والسبب هو تكليف والٍ من خارج الولاية، اللواء حافظ التاج مكي، الذي لا يعرف خلفية الأحداث وتعقيدات المنطقة. وهنا يقول باكاش: «كان الأوفق اختيار والٍ من أبناء المنطقة، حتى لو كان من العسكريين، لأن ذلك سيسهم في حسم الأفراد المتفلتين من القوات النظامية والنأي بهم عن الصراع».