القاهرة | في سابقة لم تشهدها الحكومات المصرية المتعاقبة، أعلن رئيس الوزراء المصري استقالة حكومته في خطاب أذيع تلفزيونياً، في خطوة تزامنت مع بدء وفد عسكري تابع لسلاح الدفاع الجوي الروسي زيارة إلى القاهرة، ومع تحول لافت لموقف جنوب أفريقيا التي أعلنت دعمها لخريطة الطريق التي وضعتها السلطات المصرية الحالية، بعد أن كانت تصف عزل الرئيس «الشرعي» محمد مرسي بـ«التغيير غير الدستوري».
وقالت مصادر مسؤولة لـ«الأخبار» إن ما جرى هو «إقالة» لحكومة الببلاوي؛ إذ إن «التعديل الوزاري كان موجوداً على مكتب الرئيس المؤقت عدلي منصور منذ فترة، وإن هناك عدداً كبيراً من الوزراء الذين أُدرجت أسماؤهم ضمن قائمة التغيير، نظراً إلى قصورهم في أداء الملفات المسندة إليهم»، مشيرةً إلى أن «الاستقالة» جاءت محاولةً لتجميل وجه الوزراء المثبت في حقهم تجاوزات أثناء تعاملهم مع الأوضاع المضطربة في مصر.
في الوقت نفسه، قالت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» إن جميع الوزراء يقومون حالياً بتسيير الأعمال إلى حين الانتهاء من تشكيل الوزارة الجديدة برئاسة وزير الإسكان الحالي إبراهيم محلب، لافتةً إلى أن «طاقم الطابور الخامس في حكومة الببلاوى ليسوا محصنين ضد التحقيقات، وكل من ارتكب جرماً بحق الوطن وتهاون في إدارة ملفه الوزاري سيعاقب».
وأكد محلب في تصريحات خاصة بـ«الأخبار»، أنه قبل بهذا التكليف، وأنه اجتمع مع منصور لمناقشة الملامح الأساسية للتشكيل الحكومي الجديد. لكنه لم يحدد موعداً لإعلان تشكيل الحكومة، ولم ينف الإبقاء على أغلب الوزراء في مناصبهم. من جانبه، قال أمين صندوق نادي قضاة مصر، المستشار محمد عبده صالح، إن استقالة حكومة الببلاوي لن تؤثر إطلاقاً في تشريع قانون إجراءات الانتخابات الرئاسية. وأضاف في حديث لـ«الأخبار» أن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية هي التي تدير عملية الانتخابات، لا الحكومة، مشيراً إلى أن استقالة الحكومة هو أمر خاص بالسلطة التنفيذية بعيداً عن عمل اللجنة تماماً.
وكان الببلاوي (أ ف ب، الأناضول، رويترز) قد أعلن في خطاب تلفزيوني تقديم استقالته، مبرراً خطابه المتلفز بأنه «وجدت من الإنصاف للمجلس وله وللشعب أن لا يكتفي بتقديم رسالة الاستقالة لرئيس الجمهورية، وإنما التحدث للشعب المصري».
ورأى أن «المجلس خلال الستة أو السبعة أشهر الماضية تحمّل مسؤولية في غاية الصعوبة والدقة، وقام بها بكل إحساس بالمسؤولية والواجب»، مشيراً إلى أن «الحكومة لما قبلت المسؤولية لم تقبلها لأنها أفضل مَن في البلد قدرة أو كفاءة، وإنما لأنها من القلائل الذين قبلوا أن يتحملوا المسؤولية في هذا الوقت».
ولم يعلن الببلاوي سبباً لهذه الاستقالة، لكن مسؤولاً قال لوكالة «رويترز» إن «استقالة الحكومة خطوة كانت مطلوبة قبل إعلان السيسي ترشحه للرئاسة». وأكد «أن الحكومة قدمت استقالة جماعية لرغبة السيسي في ألّا يبدو منفرداً بالتصرف».
ولدى إعلان استقالة الحكومة، عوضت البورصة خسائر منيت بها في الصباح وارتفع مؤشرها بنسبة 0.26 في المئة إلى 8029.37 نقطة.
وقال مدير إدارة التحليل الفني في «الوطني كابيتال» محمد الأعصر، إن «إعلان الحكومة استقالتها أعطى المستثمرين مزيداً من التفاؤل بالمستقبل، وخاصة مع قرب إعلان السيسي حسم موقفه لخوض انتخابات الرئاسة».
من جهته، أعلن عضو مجلس شورى الإخوان المسلمين والقيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية محمد علي بشر «أن التحالف عقد مساءً اجتماعاً لبحث تداعيات استقالة حكومة الببلاوي»، موضحاً أن «التحالف سيناقش خلال الاجتماع موقفه من الاستقالة والخطوات المتوقع أن يتخذوها في ضوئها».
وفي انتقاد مبطن للسلطات الحالية، أكد المرشح الوحيد المعلن حتى الآن لانتخابات الرئاسة حمدين صباحي، أن الشباب الذين شاركوا في ثورتي «25 يناير» و«30 يونيو» لديهم إحساس «بأن ثورتهم تسرق، وخصوصاً أن زملاءهم يحبسون، وبعضهم يقتلون أمام عيونهم»، مشيراً إلى أن غضب وتخوف الشارع مشروع «عندما يجد الشباب أن جزءاً من رموز الفساد في عصر (الرئيس الأسبق حسني) مبارك يسبحون على السطح».
وفي استكمالٍ لرفع مستوى التنسيق في العلاقات المصرية الروسية، وصل إلى مطار القاهرة الدولي أمس وفد عسكري تابع لسلاح الدفاع الجوي الروسي، في زيارة تستغرق أياماً.
وقالت مصادر أمنية في مطار القاهرة الدولي، إن الوفد العسكري الروسي، يرأسه ديمتري مانويل، وهو مسؤول في سلاح الدفاع الجوي الروسي.
وفي تطور لافت لموقفها من السلطات المصرية الحالية، أعلنت جنوب أفريقيا «دعمها لخريطة الطريق» في مصر، مشيدةً بـ«التحول الديموقراطي» فيها.
وقال سيابونجا كويلي، المبعوث الشخصي لرئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، الذي يزور مصر حالياً، إن بلاده تدعم مصر في «مكافحة الإرهاب»، مضيفاً: «نحن قلقون من حوادث الإرهاب ضد الشعب المصري والحكومة، وندين كل الأعمال الإرهابية».
وكشف في مؤتمر صحافي أمس اتفاقه مع مسؤولين مصريين على «التعاون الأمني» بينهم و«تبادل المعلومات» في هذا الصدد، مشيراً إلى أنه ناقش مع المسؤولين المصريين عودة مصر للاتحاد الأفريقي، وأنه سيرفع تقريراً لرؤساء الدول الأفريقية بهذا الشأن. وأبدى كويلي استعداد بلاده للوساطة من أجل حل أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، مشيراً إلى أهمية مصر واستقرارها للقارة الأفريقية.




الشرطة تعود إلى الجامعات

قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أمس بعودة الشرطة إلى الجامعات لتولي مهمة تأمينها من الشغب والتظاهرات، وهو حكم غير نهائي وقابل للاستئناف والطعن.
ورأت المحامية التي رفعت الدعوى أن إلغاء الحرس الجامعي «عاق حق الطلاب في الحصول على التعليم، وأدى إلى إتلاف منشآت عامة وترويع وإرهاب الطلاب، ما يستدعي ضرورة عودته للحفاظ على أرواح الموظفين والطلاب في الجامعات». وبالتزامن، استؤنفت محاكمة الرئيس السابق محمد مرسي في واحدة من القضايا الأربع المتهم فيها، قبل تأجيلها في انتظار صدور قرار بشأن طلب الدفاع رد هيئة المحكمة.
ويواجه مرسي في هذه القضية اتهامات بالهروب من السجن إبان الثورة على الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011، وبأنه وقيادات أخرى من «الإخوان» استعانوا بحركة حماس وحزب الله للفرار من السجن. وفي أول محاكمة لمدنيين عسكرياً منذ إقرار الدستور المعدل، أجّلت محكمة عسكرية أمس أولى جلسات محاكمة ناشطين اثنين إلى الغد. وأوضح أحد محامي الناشطين أحمد حلمي، أن المتهمين عمرو سلامة القزاز، وإسلام الحمصي العاملين في شبكة «رصد» الإعلامية الإلكترونية، لم يصلا من مقر حبسهما في سجن طرة إلى مقر محكمة الجنح العسكرية لعدم وجود سيارة ترحيلات لنقلهما، ولذلك تم تأجيل الجلسة لحين حضورهما». إلى ذلك، عاقبت محكمتان مصريتان 52 مؤيداً لمرسي بالسجن لمدد تراوح بين سنة وخمس سنوات بتهم، منها تعطيل المواصلات العامة والتعدي على رجال الأمن. فيما أحالت النيابة العامة المصرية 504 من مؤيدي مرسي لمحكمة جنايات القاهرة، متهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ«أحداث رمسيس الثانية» التي قتل فيها 210 أشخاص.