بالتزامن مع التقارير الصحافية والتسريبات المتعددة عن «تسخين» للجبهة الجنوبية في سوريا برعاية أميركية _ سعودية، عبر تسليح وتدريب «من نوع جديد»، سرّبت وكالة «فرانس برس»، أمس، خبراً يعتبر تتمة لهذه «التحضيرات»، عن محادثات تجريها السعودية مع باكستان لتزويد مقاتلي المعارضة بأسلحة مضادة للطائرات والدروع.
الجديد أمس، أيضاً، ما سرّبته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن «استعدادات على الضفة المقابلة»، بوصول عشرات الضباط والخبراء الروس إلى سوريا ضمن مهمات مختلفة إلى جانب الجيش السوري.
وذكرت الصحيفة أنّ هؤلاء وصلوا في الأسابيع الأخيرة واندمجوا، عبر مهمات استشارية، في القتال الذي يخوضه الجيش السوري ضد «المتمردين». ونقلت عن مصادر غربية في موسكو أنّ هذا المسار الدراماتيكي يأتي بعد سنة من خروج الخبراء الروس وعائلاتهم من سوريا، بفعل احتدام القتال الدائر هناك. وأفادت أنّ من بين الضباط الروس من هم على مستويات رفيعة جداً، الذين تحوّلوا إلى مستشارين مهنيين لرئيس أركان الجيش السوري وضباط هيئة الأركان. كذلك يعمل ضباط آخرون كمستشارين مهنيين إلى جانب قادة وحدات ميدانية سورية، من قادة ألوية إلى قادة فرقة. ولفتت الصحيفة، أيضاً، إلى أنّه في حالات معينة يلعب ضباط روس دور مستشارين لرتب منخفضة جداً في الجيش السوري.
في موازاة ذلك، عزّز الروس، بحسب «يديعوت أحرونوت»، مساعدات جوهرية للجيش السوري في المجالات اللوجستية والاستخبارية، الأمر الذي سيضع بحوزته قدرات استخبارية لدولة عظمى، «ما يفترض أن يساعد الجيش في تحديد أماكن وحدات المتمردين واستهدافهم». وأضافت إنّ عودة الخبراء الروس والضباط الى سوريا أتت بناءً على توجيهات مباشرة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في محاولة لتثبيت الجيش السوري بهدف منع انهيار النظام الذي يخدم المصالح الإقليمية لموسكو في الشرق الأوسط بأيّ ثمن.
وفي هذا المجال، أكدت مصادر دبلوماسية غربية في موسكو أن الرئيس الروسي يطمح، حتى الآن، إلى المحافظة على نظام الأسد وتعزيزه في ضوء المباحثات التي تجرى في جنيف حول مستقبل سوريا. إلى ذلك، يأتي قرار بوتين، بحسب «يديعوت»، بالتزامن مع تعزيز المساعدات العسكرية التي تتدفق إلى سوريا بكميات كبيرة، حيث تصل التجهيزات كل أسبوع عبر مرفأ طرطوس. وتؤكد المصادر الغربية أنّ هذا المسار العسكري الاستثنائي يشكل تحدياً روسياً تجاه الإدارة الاميركية. أضف إنّ الخطوة الروسية تشكّل رسالة لجهة أنّه في الوقت الذي تخلت فيه واشنطن عن الرئيس المصري حسني مبارك، وتولي كتفاً باردة للجنرال السيسي، فإن موسكو مخلصة لحلفائها في الشرق الأوسط.
في المقابل، تجري السعودية محادثات مع باكستان لتزويد مقاتلي المعارضة بأسلحة مضادة للطائرات والدروع، بحسب ما أفادت مصادر قريبة من هذا الملف لوكالة «فرانس برس».
وقال مدير مركز الخليج للأبحاث، عبد العزيز الصقر، إنّ «الولايات المتحدة قد تسمح لحلفائها بتزويد مقاتلي المعارضة بأسلحة مضادة للطيران وللدروع بعد فشل مفاوضات جنيف وعودة التوتر مع الروس».
من جهته، لفت مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لبحوث سياسة الشرق الأدنى، سايمون هندرسون، إلى أنّ «السماح لحلفاء الولايات المتحدة بتقديم هذا النوع من السلاح يمكن أن يخفف من الضغوط على الولايات المتحدة في المدى القصير. إلا أن الخشية الأكبر على المدى البعيد هي أن تقع الصواريخ المضادة للطيران المحمولة على الكتف (أرض جو) في أيدٍ أخرى لإسقاط طائرة مدنية في أي مكان آخر في العالم».
وذكرت مصادر سعودية أنّ الرياض ستحصل على هذه الأسلحة من باكستان التي تصنع نموذجها الخاص من الصواريخ المضادة للطيران المحمولة على الكتف (مانباد) والمعروفة باسم «انزا»، إضافة إلى الصواريخ المضادة للدروع. وذكرت هذه المصادر أن رئيس الأركان الباكستاني الجنرال راحيل شريف زار مطلع شباط السعودية، حيث التقى ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز. بدوره، زار الأمير سلمان على رأس وفد رفيع باكستان الأسبوع الماضي. وذكرت المصادر نفسها أن تأمين الأسلحة يترافق مع إذن باستخدام تسهيلات للتخزين في الأردن.
وعلى الصعيد الداخلي السعودي، وبعد الأنباء عن سحب المملكة إدارة الملف السوري من مدير الاستخبارات الأمير بندر بن سلطان، وتسليمه لوزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ذكرت صحيفة «ذي أندبندنت» البريطانية أنّ «من دلائل هذا التغيير هو ما جرى في اجتماع قادة الاستخبارات في السعودية والولايات المتحدة أخيراً والذي تم فيه إبعاد بندر عن مهمته»، وأوضحت أنّ «سبب التغيير هو الفشل الذريع لبندر في إنجاز أي شيء، وهو ما تمثل في فشل مفاوضات جنيف الأخيرة، حيث كان السؤال هو لماذا يقدم النظام السوري تنازلات وهو غير مضطر لذلك». وأشارت الى أن «المعارضة السورية في الوقت ذاته لا تزال متفرقة ومشتتة، الى درجة أن بعض الفصائل دخلت في هدنة مع قوات النظام في بعض المناطق من دون تنسيق مع بقية الفصائل، وهو ما يؤكد أن فصائل المعارضة بشكل أوسع في مرحلة تراجع عسكري، حيث يسيطر النظام على أغلب المناطق ذات الكثافة السكانية العالية وأغلب الطرق الرئيسية، بينما تسيطر المعارضة على جيوب في حمص ودمشق والمناطق الريفية المحيطة بهما، وهذه الجيوب تتعرض لضغط كبير من قبل النظام الذي يضيق عليها الخناق بالتدريج». وحول ملف الإدارة السعودية للملف السوري، أوضحت أن «التغيير الذي حدث بإسناد الملف إلى محمد بن نايف، حيث يتولى دعم وإمداد المعارضة السورية بالأسلحة والأموال يعد ثاني أكبر التحولات خلال مطلع العام الجاري، وبهذا التغيير فمن المرجح أن قوات المعارضة السورية المدعومة سعودياً مثل «الجيش الحر» سوف تقاتل في جبهتين في وقت واحد ضد الجيش السوري وضد المقاتلين الإسلاميين المتعاطفين مع تنظيم «القاعدة».
(الأخبار)