فرض مقتل «أبو خالد السوري» نفسه على المشهد الميداني أمس في حلب. وأعلنت «حركة أحرار الشام» الإسلامية (حاشا) مقتل «أبو خالد» ومجموعة من مرافقيه «إثر هجوم انتحاري على أحد مقارّ الحركة (في حي الهلك) في حلب». ولا تنبع أهمية الخبر من المكانة التي يحظى بها القتيل فحسب، بل تتعداها إلى حيثيات الاستهداف الغامض.
وعلى الرغم من أن «أحرار الشام» التي يُعد «أبو خالد» أحد أبرز قادتها، ومؤسسيها، قد سارعت على لسان زعيمها حسان عبود إلى اتهام تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» باغتيال أبو خالد، غير أن مصدراً «جهادياً» أكد لـ«الأخبار» أن «أحرار الشام ربما كانت ضالعة في اغتيال الشيخ أبو خالد». وأكد المصدر أن «الشيخ (المعروف أيضاً باسم أبو عمير الشامي) كان قد اعتزل الاقتتال بين الإخوة المجاهدين، بعدما فشلت جهوده للإصلاح بينهم. وقد انضمت إليه ثلة من الإخوة المجاهدين في صفوف الأحرار». ووفقاً للمصدر فقد «بلغ عدد الإخوة الذين انضووا تحت راية الشيخ زهاء خمسة آلاف مجاهد. وقرر الشيخ أخيراً بالتنسيق والاتفاق مع الشيخ أيمن الظواهري الاعلان عن تنظيم جهادي جديد. وكان الشيخان يعوّلان على أداء هذا التشكيل دوراً في إعادة توحيد صفوف المجاهدين، ورأب الصدع، وإعادة توجيه البوصلة نحو مسارها الصحيح». وكشف المصدر عن «وجود تيار ثالث في صفوف المجاهدين ضاق صدره بالاقتتال، وما عادوا يرى في اعتزاله حلاً كافياً. ومن بعد الاستخارة والاستشارة قرّر الشيخ إعلان تشكيله الجهادي، ودعوة جميع رافضي الاقتتال إلى الانضواء تحت لوائه». ووفقاً للمصدر، فقد «حظيت الفكرة بمباركة الشيخ الظواهري. الأمر الذي رأى فيه أبو عبد الله الحموي تهديداً لنفوذ الحركة، وكان الحل في تصفية الشيخ».
ومن المعروف أن الظواهري كان قد أعلن أن «أبو خالد السوري هو من خيرة من عرفنا وخبرنا وعايشنا من المجاهدين، وهو مندوبنا في الشام». وكان الظواهري قد انتدب «أبو خالد» حكماً في النزاع الدائر بين «جبهة النصرة» و«داعش»، بعدما قرر أبو بكر البغدادي (زعيم «داعش») دمج التنظيمين، ما رفضه أبو محمد الجولاني (زعيم «النصرة»).
وعلى المقلب الآخر، اتهم حسان عبود (زعيم «أحرار الشام») تنظيم «داعش» باستهداف«أبو خالد». وقال عبود (المعروف باسم «أبو عبد الله الحموي») في تغريدة على «تويتر»: «ارتقى المجاهد العتيق إلى عليين بإذن الله. بعدما طاف بقاع اﻷرض أبى الله إلا أن يختم له بخير قتلة على يد خوارج العصر (الوصف الذي تطلقه «الجبهة الإسلامية» على «داعش»). وأكد مصدر من داخل الحركة لـ «الأخبار» أن «أبو خالد» كان قد تلقى تهديدات باغتياله عبر «انغماسيين». وأردف المصدر: «نعتقد أن والي داعش في حلب (الشيخ أبو الأثير) هو المسؤول المباشر عن اغتيال الشيخ الشهيد». ولاحقاً غرّد عبود مؤكداً تلقي «أبو خالد» تهديدات تفيد بوجود قائمة مستهدفين وهو على رأسها.

من هو «أبو خالد»؟

«أبو خالد السوري» أو «أبو عمير الشامي». اسمه الحقيقي محمد بهايا. من مواليد حلب ١٩٦٣. كان أحد المقاتلين في صفوف «الطليعة الاسلامية المقاتلة» في سوريا، ثمّ غادر في الثمانينيات (من المرجح أنه غادر عام 1981) إلى الأردن، لتنقطع أخباره، قبل أن يعود إلى الظهور مدرباً في معسكرات «الجهاديين» في أفغانستان. وشارك لاحقاً في «الجهاد في العراق» وفقاً لمصدر جهادي. ويعد أحد أوائل «الجهاديين» الذين دخلوا إلى سوريا في ظل الأزمة الراهنة. (دخلها في أيار 2011 بالتنسيق مع «أبو بصير الطرطوسي» أحد أبرز الأسماء الفاعلة في تجنيد «الجهاديين»). ساهم «أبو خالد» في تأسيس «حركة أحرار الشام» الإسلامية. وتولى مهمة تنسيق انضمام «المهاجرين» إلى صفوفها، وتدريب «كوادرها الجهادية من المهاجرين والأنصار». كان «أبو خالد» من المقربين إلى عبد الله عزام، وأسامة بن لادن. ودأب على التأكيد أنه أخ لـ«أبو مصعب السوري» أحد أبرز منظري «الجهاد» العالمي. غير أن كنيته الحقيقية لا تطابق كنية أبو مصعب المتداولة (المزيك). ورداً على هذه المفارقة قال مصدر «جهادي» لـ«الأخبار» إن «الأخوّة المقصودة هي الأخوّة في الله. وقد كان الشيخ أبو خالد رفيقاً لدرب الشيخ أبو مصعب ربع قرن من الزمن»، فيما اكد مصدر «جهادي» آخر أن «الشيخين أخوَان بالفعل. لكنهما أخوان غير شقيقين».