مليون و200 ألف سوري في إسطنبول منهم 500 ألف من دون أوراق
لكن في الواقع، وبحسب روايات سوريين تواصلت معهم «الأخبار»، منهم صحافيون وتجار ورجال أعمال وطلاب، فإن قرار الحكومة التركية المفاجِئ حسْمَ ملف اللاجئين السوريين لم يكن في الحسبان، ما يجيز الاعتقاد بأن تركيا بدأت تتعامل مع هذا الملف «كورقة سياسية»، وفق ما يقول صحافي سوري لـ«الأخبار» مقيم في إسطنبول. مع ذلك، يلفت أحد الصحافيين السوريين، الذين حضروا لقاء وزير الداخلية التركي مع ممثلين عن الإعلام العربي في إسطنبول، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن ما يقارب مليوناً و200 ألف سوري يعيشون في إسطنبول وحدها فقط، منهم 500 ألف سوري بلا هويات وبلا أوراق قانونية، ويشكلون ضغطاً على الحكومة التركية التي لا تريد إحراجاً لهم إذا ما طبّقت القانون ضدهم.
ويرى سعيد أمينو، وهو صحافي سوري مقيم في تركيا ويقترب من الحصول على الجنسية التركية، من جهته، أن هزيمة بن علي يلدرم في الانتخابات البلدية في إسطنبول هي التي عجّلت في فتح ملف اللاجئين السوريين، معتبراً أن نجاح أكرم إمام أوغلو كان من أسبابه الاعتماد على «فزاعة السوريين» في إسطنبول، والمحال العربية التي ترفع أرقاماً وأسماءً عربية، بحجة أن ذلك يهدّد عراقة إسطنبول وتاريخها وتراثها. ويوضح أمينو أن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، حتى يضمن عدم «تلاعب» إمام أوغلو بملف اللاجئين مرة أخرى ليزيد من شعبيته في مواجهة الرئيس رجب طيب أردوغان، ويهيّئ المناخ له لمنافسة الرئيس التركي في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2023، اضطر إلى أن يستخدم هو الورقة نفسها لكي ينهي ملف اللاجئين، بدلاً من أن يستخدمها إمام أوغلو ضد اللاجئين وضد الحزب الحاكم.
وبهذا الإجراء الذي قامت به حكومة أردوغان، بحسب صحافي سوري آخر يعمل في مؤسسة إعلامية قطرية، فقد «قطعت الطريق على إمام أوغلو تماماً، للمتاجرة بملف اللاجئين لدى جمهوره من المعارضة التركية». ويشير الصحافي المذكور إلى أن تركيا تضغط على الاتحاد الأوروبي بطبيعة الحال بهذا الملف، ما يساعدها على الحصول على المزيد من الدعم المالي لوقف زحف اللاجئين السوريين إلى أوروبا، وهو ربما ما ستكشف عنه الأيام المقبلة. من زاوية أخرى، فإن وجود 500 ألف سوري في إسطنبول، من دون أذونات عمل ولا إقامات عمل، يهدر على الأتراك، وفق ما يلفت إليه أحد المقيمين، مئات الآلاف من الدولارات سنوياً بسبب عدم تقنين الأوضاع الخاصة بهؤلاء السوريين، ما يدفع حكومة أردوغان إلى تحريك هذا الملف أيضاً.
رغم ذلك كله، ثمة محاولات «تسوية» تقوم بها الحكومة التركية، ممثلة بمستشار أردوغان، ياسين أقطاي، الذي قال في تصريحات قبل أيام إن هناك مساعي لحل أزمة اللاجئين السوريين بشكل ودي، وبعيداً عن إجراءات الترحيل التي حدثت، من دون الدخول في تفاصيل.