عمان | بعد أسابيع من الحديث الإعلامي المتواصل بخصوص عودة السفراء بين عمّان والدوحة، بات من الأكيد قرب تقديم سفيرَي الأردن وقطر أوراق اعتمادَيهما وفق البروتوكولات المعمول بها في البلدين. مجلس الوزراء الأردني قرّر، مساء الاثنين الماضي، تسمية الأمين العام لوزارة الخارجية، السفير السابق في دول عدة زيد اللوزي، لشغل المنصب الشاغر في قطر. أما الدوحة، التي مدّت الجسور مع عمّان ــــ على رغم انكفاء الأخيرة عنها ــــ لكسب أصدقاء إقليميين في خضمّ الخصومة الخليجية مع الرياض وأبو ظبي والمنامة، فخَصّت الأردن بـ«أمير» (أحد أفراد الأسرة الحاكمة) ليكون سفيرها لديه، واختارت لذلك سعود بن ناصر بن جاسم.هكذا، تنقضي 25 شهراً منذ أعلنت الحكومة تخفيض تمثيلها الدبلوماسي مع قطر، وإغلاق مكاتب قناة «الجزيرة» في المملكة، عقب اندلاع الأزمة الخليجية التي كان فيها الأردن أقرب إلى السعودية والإمارات والبحرين، منه إلى قطر، التي لم يقطع ــــ مع هذا ــــ علاقته بها كلياً. بعد ذلك، حاول القطريون منافسة خصومهم الخليجيين في استمالة المملكة، فحضروا بقوّة عندما اندلعت الاحتجاجات في الأردن بسبب الأزمة الاقتصادية العام الفائت، وقدّموا للحكومة نصف مليار دولار ضمن «مشاريع تنموية»، إلى جانب توفير عشرة آلاف فرصة عمل للأردنيين في الدوحة، جرى التقديم إليها عبر منصة إلكترونية تهافت الأردنيون عليها حينذاك. وكان لافتاً إعلان تلك المساعدات إثر زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، للعاصمة الأردنية، وإجرائه لقاءً مع الملك عبد الله الثاني.
ووفق مصادر، لم تتوقف الزيارات الرسمية التي شملت مستويات سياسية وعسكرية واقتصادية، لكن أخيراً بدا أن هناك غزلاً صريحاً من الدوحة تجاه عمّان، تجلّى في تحوّل الخطاب الناقد في «الجزيرة» للأردن ورأس الهرم فيه، الملك، إلى لهجة ودودة، بل ودعمٍ لمواقفه، خصوصاً في موضوع الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة. يقول النائب خليل عطية، لـ«الأخبار»: «إننا في مجلس النواب نرحب بعودة التمثيل بين الأردن وقطر إلى أعلى مستوياته بإعادة السفراء»، معتبراً أن «اختيار الرجل الثاني في الخارجية ليكون سفيراً لدى الدوحة يشكّل رسالة مهمة، مضمونها أن الأردن يحرص على تطوير العلاقات مع قطر الشقيقة، التي بدورها اختارت شخصية من العائلة المالكة ليكون سفيرها». وتابع عطية: «ننظر إلى الأشقاء في قطر نظرة الأخوة، ونقف معهم في قضاياهم... وندعو إلى إعادة العلاقات الخليجية إلى سابق عهدها من قوة وتنسيق، وإنهاء الحصار على قطر».
ويمثّل التقارب بين الدوحة وعمّان حاجة كبرى للأخيرة، خصوصاً أنها تسعى إلى إيجاد حلفاء يَقونها العزلة السياسية، ولا سيما في ظلّ المشاركة السعودية والإماراتية القوية في تطبيق الرؤية الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، التي يتحفظ عليها الأردن، لكونها تمسّ مصالحه. يأتي هذا التودّد على رغم الموقف القطري السابق من الأردن، ولا سيما في الموضوع الاقتصادي، عندما تنصّلت الدوحة من وعودها، ولم تدفع ما ترتب عليها من مستحقات، بعد إقرار «مجلس التعاون الخليجي»، في دورته الـ32 عام 2012، منحة بخمسة مليارات دولار لإقامة مشاريع تنموية في المملكة بواقع 1.25 مليار دولار من كل بلد في المجلس. رغم هذا، لا تميل سياسة الأردن الخارجية إلى التصعيد عادة، إذ لم يسبق له أن قطع العلاقات مع دولة سوى كوريا الشمالية العام الماضي، بل يحاول حالياً رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع سوريا.