القاهرة | نفّذت الحكومة المصرية «الشريحة الخامسة» من إجراءات رفع الدعم عن المحروقات، بما يقترب بها من سعر التكلفة، في خطوة تقول إنها ستوفر 40 مليار جنيه على الأقل خلال العام المالي الجاري. وتراوحت نسب الزيادة ما بين 16% و30%، لكن النسبة الكبرى طاولت «السولار» (المازوت) و«بنزين 80» الأكثر استخداماً بين الفئات الفقيرة، بالإضافة إلى رفع سعر أسطوانات الغاز التي تستخدم في المنازل غير المتوافرة فيها تمديدات الغاز الطبيعي، والتي تتركز في المناطق الفقيرة أيضاً. وبينما يتوقع أن تصل الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي، البالغة قيمتها مليارَي دولار من أصل 12 ملياراً خلال الأسبوع الجاري، لتدخل خزينة الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، تعهدت الحكومة ألا تغيّر أسعار الخبز المدعوم، واعدةً بتحمل فارق سعر المحروقات بالنسبة إلى المخابز. هذا الاستثناء لا يحجب الصورة البشعة للوضع الاقتصادي، بعدما ارتفعت أسعار جميع المواصلات والسلع الغذائية الحكومية للمرة الخامسة منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، وسط توقعات بارتفاع كلفة مواد البناء بنحو 5%، وزيادة أسعار الخدمات كافة، وخاصة أن الزيادة الجديدة على المحروقات تتزامن مع تعديلات أسعار الكهرباء، التي شهدت أيضاً رفعاً جزئياً للدعم.
ومع أن الحكومة وجّهت بألا تزيد نسبة غلاء أجرة التنقل عن 15% أو 20% في أقصى الأحوال، قفزت أسعار الوسائل التابعة للدولة بنسب تتراوح بين 30% و100%، في وقت يُنتظر فيه تحريك أسعار القطارات خلال الأيام المقبلة، بعد إعلان وزارة النقل تكبّدها فارقاً يصل إلى مليون جنيه يومياً في حركة التشغيل الحالية نتيجة الزيادات الجديدة. وتقول الحكومة إن موازنتها ستتضمن دعم الوقود بـ 52.96 مليار جنيه مقارنة بنحو 89.75 مليار جنيه في العام المالي الماضي، فيما ستتقلّص ميزانية دعم الكهرباء لتكون 4 مليارات فقط. أيضاً، وكانت الحكومة قد طبّقت، حتى أواخر العام المالي المنتهي في حزيران/ يونيو الماضي، إجراءات «تحوّط» تتضمّن تحديد سعر برميل النفط عند 80 دولاراً، بالاتفاق مع شركات تأمين عالمية ضد تقلبات سعر الصرف، وذلك لتأمين فاتورة دعم المواد البترولية من أي تأثيرات تتسبب في ارتفاعها.
تعهّدت الحكومة في استثناء وحيد ألا تغيّر أسعار الخبز المدعوم


أما اليوم، فإن السلطات، التي روّجت في الإعلانات التلفزيونية أن هذه الزيادة ستكون الأخيرة بخلاف الحقيقة، أقرّت بتطبيق آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية اعتباراً من بداية الشهر الجاري، على أن تتولى «لجنة متابعة آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية» متابعة المعادلة السعرية بصورة ربع سنوية. هكذا، سيُربط سعر البيع المحلي بمتوسط السعر العالمي لخام برنت وسعر الصرف والتغير في التكاليف الأخرى، باستثناء قطاعَي الكهرباء والمخابز. وجاء القرار الحكومي ليحدد نسبة الزيادة أو النقصان بـ 10% كحد أقصى، ما يسمح بزيادة أسعار المحروقات بنسبة 40% على مدار العام (بالآلية الربع سنوية). يضاف إلى ما تقدم أن آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية تقوم على وضع معادلة سعرية تشمل أسعار البترول العالمية، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، بالإضافة إلى أعباء التشغيل داخل مصر، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع سعر المنتج أو انخفاضه وفق التغير في عناصر التكلفة، وذلك بما يساهم في خفض تكلفة دعم الطاقة في الموازنة العامة للدولة.
وطبقاً للقرار الذي نشر في «الجريدة الرسمية» مُذيّلاً بتوقيع رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، ستتابع اللجنة «تنفيذ الآلية وتقديم التوصيات والمقترحات اللازمة لضمان التنفيذ الجيد، ومعالجة أي مشكلات أو أوجه قصور وثغَر تظهر عند التطبيق الفعلي، على أن تعرض اللجنة توصياتها ومقترحاتها على وزيرَي البترول والمالية لاتخاذ ما يلزم». ووفقاً لمصادر حكومية تحدثت إلى «الأخبار»، فإن الأسبوع الأول من كلّ من الأشهر الآتية: تشرين الأول (أكتوبر)، كانون الثاني (يناير)، نيسان (أبريل)، تموز (يوليو) سيشهد زيادة جديدة، على أن يقرّ مجلس الوزراء تلك الزيادات تباعاً، لكن «مع ترجيح بقاء الأسعار ثابتة خلال العام المالي الجاري، شريطة استمرار أسعار البترول العالمية في النطاق الحالي، أو إقرار آلية التحوط بما يضمن تحقيق حالة من الاستقرار الاقتصادي، وخاصة مع موجة التضخم المتوقعة خلال الشهور القليلة المقبلة».