قرار حجب الإنترنت، الأول من نوعه في موريتانيا، الذي اتُّخذ «إجراءً احترازياً مضاداً للشائعات المضللة»، يُمهد لسلطة قمعية بحسب المراقبين، لما فيه من تضييق على حرية التعبير، ولما «يجلب من أضرار» على المصالح التجارية والإدارية في البلد، الأمر الذي ولّد منه قضية رأي عام، يتوقع أن تخفت بعد إعلان المجلس الدستوري، علماً أن الخدمة التي انقطعت منذ 23 حزيران/ يونيو بدأت قبل أيام تعود جزئياً عبر الشبكة الثابتة، فيما لا تزال غير متاحة عبر الهواتف المحمولة. كذلك من المتوقع، بعد إعلان «الدستوري»، الحدّ من المظاهر الأمنية في المدن والعاصمة، في ظل توقف التظاهرات بعد مواجهة قوات الأمن لها باستخدام العنف.
يروّج الإعلام الرسمي للغزواني بوصفه «الرئيس المنتخب ديمقراطياً»
لكن بعيداً من الجدل السياسي والقانوني، من المنتظر بعد تصديق المحكمة الدستورية على فوزه، أن يُنصَّب ولد الغزواني رئيساً للبلاد مطلع آب/ أغسطس المقبل، ليحكم موريتانيا لخمس سنوات قادمة. ويروِّج الإعلام الموريتاني الرسمي، بالإضافة إلى عدد من الدول العربية والغربية التي هنّأته وأشادت بالانتخابات، للرجل بوصفه «الرئيس المنتخب ديمقراطياً». وأكدت الولايات المتحدة تطلّعها للعمل مع الرئيس الجديد، بحسب ما أعلنت السفارة الأميركية في نواكشوط، في بيان أعربت فيه عن «ارتياحها لنجاح الانتخابات»، التي رأت أنها «سمحت بالانتقال السلمي للسلطة من رئيس منتخب ديمقراطياً (في إشارة إلى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز)، إلى رئيس آخر منتخب ديمقراطياً»، على رغم أن ولد الغزواني، وزير الدفاع السابق، وصديقه ولد عبد العزيز، شريكان في الانقلاب على الرئيس معاوية ولد الطايع في آب/ أغسطس عام 2005، ومن ثم في الانقلاب الثاني على الرئيس السابع للبلاد، سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، عام 2008، الذي جاء بولد عبد العزيز.
في ضوء ما سبق، يتوقع بعض المحللين أن يضطر مرشّحو المعارضة إلى الاعتراف بولد الغزواني رئيساً في نهاية المطاف، وقد يشارك بعضهم في السلطة، في إطار حوار سياسي، قد تنتج منه مشاركة في إدارة البلاد في ظلّ حكمه، عبر بعض الوظائف والمناصب المهمة. ويبرر أصحاب هذا الرأي ترجيحاتهم بأنّ الوضع السياسي والأمني ما زال حتى هذه اللحظة قلقاً بسبب قطع الإنترنت المحمول، والغضب الشعبي من الاعتقالات التي شنّها الأمن خلال الاحتجاجات الأخيرة، ما يجعل من الضرورة بمكان تسوية الإجراءات، والدخول في «حوار وطني تصالحي» لافتتاح المرحلة المقبلة، المليئة بتحديات في شأن الإصلاح والتنمية وتحسين المعيشة وترسيخ الأمن وتغليب الهدوء السياسي.