تتحول المعارك الدائرة في ريف حماة الشمالي إلى جبهة مفتوحة، تستقطب ثقلاً عسكرياً كبيراً على جانبَي خطوط التماس هناك، ما يحدّ من زخم العمليات في مناطق أخرى. الأيام القليلة الماضية شهدت تغييرات سريعة في خريطة السيطرة، تضمنت انسحاب الجيش السوري من عدة مواقع، وعودته إليها لاحقاً، فيما لا تزال مواقع أخرى، دخلتها الفصائل المسلحة في أول أيام هجومها، منطقة عمليات عسكرية، لا تثبيت فيها لأيّ من الطرفين. وحتى وقت متأخر من ليل أمس، كان الجيش مسيطراً على بلدة الجلمة، الواقعة على طريق محردة ـــ السقيلبية، بعدما استعادها صباحاً، محاوِلاَ التقدم شرقاً نحو تل ملح والجبين. الانسحاب من البلدة أول من أمس جاء بعد هجوم عنيف لائتلاف الفصائل المسلحة، بمشاركة وازنة من «هيئة تحرير الشام»، تخلّله تفجير عربة مفخخة يقودها انتحاري. وعلى رغم الاستهداف المكثّف من قِبَل الجيش لمنطقة تل ملح، فإنها لا تزال خط تماس يشهد كَرّاً وفرّاً، ربطاً بوصول التعزيزات ونشاط سلاحَي المدفعية والطيران.وإلى جانب التطورات على هذا المحور، سخّنت الفصائل المسلحة أمس جبهة جديدة، في محاولة للاستفادة من الضغط الميداني في محيط تل ملح والجبين، وحرّكت قواتها باتجاه بلدة القصابية وأطراف كفرنبودة. وخلال وقت قصير من بداية الهجوم (في ساعات النهار الأخيرة) أجبَرت قوة دفاعات الجيش الفصائل على وقف تحركها، والانسحاب إلى الخطوط الخلفية. وبالتوازي، لم تهدأ جبهة ريف اللاذقية الشمالي خلال اليومين الماضيين، بعد هجوم مضاد تعاضدت فيه جهود كلّ من «الجبهة الوطنية للتحرير» و«هيئة تحرير الشام» والفصائل العاملة ضمن «غرفة عمليات وحرّض المؤمنين»، وعلى رأسها «حراس الدين» و«أنصار الدين». وتشير المعطيات الميدانية المتوافرة إلى أن الضغط الذي تنفّذه الفصائل تحت راية «غرفة عمليات الفتح المبين» قد يمتد على فترة زمنية طويلة، بوجود غطاء تركي صريح، تَمثّل في الدعم اللوجستي والاستخباري وخدمات الإسعاف إلى المستشفيات التركية، وغير ذلك. وهو ما ردّ عليه الجيش باستهداف محيط نقاط المراقبة التركية غير مرّة، كان آخرها قصفاً مدفعياً طاول النقطة الواقعة في محيط بلدة مورك.
لم تهدأ جبهة ريف اللاذقية الشمالي خلال اليومين الماضيين


وليس قرار أنقرة التركيز على هذا المحور خياراً طارئاً أو مستجداً. فمنذ دخول الجيش إلى عمق سهل الغاب، وفشل الفصائل هناك في استعادة ما خسرته لصالحه، حاولت التقدم على محور الحماميات والجبين وتل ملح، ولكنها فشلت في تحقيق خرق ميداني لدفاعات الجيش. ومع التوجه التركي للخوض في الخيارات الميدانية إلى مدى أبعد، تم ترتيب أوراق العمليات بمشاركة لافتة من فصائل محسوبة مباشرة على أنقرة، مثل «الجبهة الشامية» التي لم تكن موجودة على خطوط تماس ريفي حماة وإدلب قبل ذلك. وبالاستفادة من مخزون الصواريخ المضادة للدروع، وحضور ثقل عسكري لـ«تحرير الشام»، تمكنت الفصائل من اختراق خط دفاع الجيش هناك، لتبدأ جولة المعارك الأخيرة. ويبدو مكان العمليات هناك وتوقيتها خياراً تركياً بامتياز، يراعي مآل المحادثات عبر القنوات المفتوحة مع الجانب الروسي، إذ يتيح التركيز على محيط جيب كفرزيتا ـــ اللطامنة ـــ مورك إبعاد المعارك عن مناطق متقدمة وحساسة مثل سهل الغاب ومحيط كباني وجسر الشغور. ويتوقع أن تتواصل الاشتباكات هناك بوتيرة كافية في محاولة لمنع إطلاق عمليات جديدة من جانب الجيش في محاور أخرى، وهو ما قد يفضي إلى توسّع دائرة المعارك، إن بقيت أجواء المحادثات الروسية ــــ التركية على حالها.



مقتل جندي تركي في محيط تل رفعت
أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، مقتل أحد جنودها وإصابة خمسة آخرين في هجوم في شمال سوريا. وأوضحت، في بيان، أن وحدة من قواتها تعرّضت لصاروخ مضاد للدبابات في محيط منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، مضيفة أنه تم «الرد بنيران انتقامية» على موقع إطلاق الصاروخ.