تظلّ المعاناة أكبر من قدرات المجتمع المدني مع ارتفاع معدلات الفقر إلى 85%
الإتاوات الكبيرة التي يشكو منها تجار الكساء، الذين يعتمدون على الاستيراد بنسبة 80%، تسبّبت بارتفاع أسعار الملابس المستخدمة النظيفة التي تُستورَد من الأسواق الأوروبية، والتي يطلَق عليها في اليمن اسم «البالة»، ويقبل عليها الفقراء لتناسبها مع قدراتهم الشرائية المحدودة. فبسبب الحصار، تراجع حضور ذلك النوع من الملابس الرخيصة الثمن والعالية الجودة في أسواق العاصمة صنعاء، وخلا سوق باب اليمن منها لأول مرة منذ أكثر من أربع سنوات من عمر العدوان؛ لعزوف معظم العاملين فيها عن استيرادها. في المقابل، اتجه العشرات من التجار إلى الصناعات المحلية، بافتتاح معامل إنتاجية متوسطة، وتقليد الماركات الحديثة من الملابس الأكثر طلباً في السوق، وتحديث موديلات وطنية قديمة وتسويقها. وعلى رغم أهمية تلك المحاولات المحلية في تشغيل المئات من اليمنيين، وإحداثها نوعاً من التنافس بين المنتجين المحليين، ليس في التسويق فحسب، وإنما في التشكيلات المنتَجة وخصوصاً ملابس الأطفال، إلا أن أسعارها لا تزال مرتفعة نسبياً؛ كون الخامات الأولية المستخدمة في الإنتاج يتم استيرادها من مصادر خارجية.
رئيس «جمعية حماية المستهلك» اليمنية، فضل منصور، لفت، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «هناك معادلة غير متكافئة في السوق تحول دون تفاعل العرض في السوق مع الطلب خلال موسم عيد الفطر، الذي اعتادت الأسواق أن تخرج فيه من حالة الركود، وتحقق أرباحاً قياسية باعتباره موسماً سنوياً»، مفسّراً ذلك بأن «المستوى العام للمستهلك تأثر بشكل كبير بفعل التراجع الكبير في قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية في السوق، حيث فقد قرابة 140% من قوته الشرائية عمّا كان عليه قبل العدوان، بالتوازي مع انخفاض مستوى الدخل نتيجة فقدان الملايين من اليمنيين فرص أعمالهم»، مضيفاً إن ما فاقم الأزمةَ «توقفُ صرف مرتبات موظفي الدولة الذين يشكلون 22% من إجمالي القوى العاملة في اليمن لثلاث سنوات في المحافظات الشمالية والوسطى والغربية، ولذلك فإن قدرات المواطنين الشرائية لم تستطع مواجهة الارتفاع الكبير في الأسعار في السوق، والذي يُعدّ انعكاساً لحالة عدم الاستقرار السياسي الذي أثر تأثيراً مباشراً على الأوضاع الاقتصادية، وأدى إلى ارتفاع تكاليف السلع والمنتجات. وزاد الأمرَ سوءاً الانقسامُ المالي بين طرفي الصراع الذي رفع فاتورة المعيشة في كل أرجاء اليمن».
وأشار منصور إلى أن «حكومة الإنقاذ حاولت التخفيف من معاناة المستهلك اليمني، الذي يعيش وضعاً اقتصادياً في غاية الصعوبة، ودشّنت حملة وطنية لحماية المستهلك تُعدّ الأكبر منذ سنوات قبل شهر رمضان ولا تزال مستمرة، وتم تحديد أسعار المواد الغذائية وفرض رقابة على الأسواق، إلا أن الحملة لم تكن شاملة على مستوى الأحياء السكنية، فمعظم أسعار السلع لا تزال في حالة ارتفاع»، عازياً ذلك إلى «تدني العقوبات والجزاءات المتخذة بحق المخالفين، وأيضاً عدم اتخاذ الإجراءات القانونية من قِبَل النيابات والمحاكم في القضايا المحالة إليها باعتبارها قضايا مستعجلة، كل هذا يفقد الحملة هدفها الرئيس، وهو حماية المستهلك من الانتهاكات التي يتعرض لها بارتفاع الأسعار أو الغش والتقليد وبيع سلع منتهية».
من جانبها، وعدت الشركة اليمنية للنفط في صنعاء، المواطنين خلال أيام العيد، باستقرار السوق بالمشتقات النفطية، ودعت إلى عدم الانجرار وراء الشائعات في شأن وجود أزمات، وذلك بعدما شهدت الأسواق المحلية في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ اختناقاً بالمشتقات النقطية خلال الأيام الماضية، حيث بدا أن أزمة الوقود تعود إلى السوق المحلي نتيجة منع «التحالف» دخول سبع سفن مُحمّلة بالمشتقات النفطية في جيبوتي، لكن بعد تدخل القطاع الخاص والمنظمات الدولية، سمح «التحالف» بدخول سفينة منتصف الأسبوع الفائت، تحمل على متنها 27 ألف طنّ من مادة البنزين قد تكفي السوق خلال أيام عيد الفطر.