غزة | لا يزال إنهاء «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) من أبرز الأهداف التي تسعى الإدارة الأميركية ومعها الإسرائيلية إلى تحقيقها، وهو بند معلن ضمن الخطة الأميركية لتسوية القضية الفلسطينية (صفقة القرن)، القائمة على فرض أمر واقع على الفلسطينيين. وتنتظر «الأونروا» في الأشهر المقبلة أزمةٌ قد تكون الأخطر منذ تأسيسها عام 1949، في ضوء الجهد الأميركي والإسرائيلي لمنع تمديد عملها، خلال التصويت الذي يجرى كل ثلاث سنوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة.فبالتوازي مع الجهد الذي يبذله السفراء الإسرائيليون منذ عامين في شأن هذا التصويت، تنوي واشنطن، التي أوقفت الدعم عن الوكالة مطلع العام الجاري نهائياً (بعدما كانت الداعم الأكبر لها بقيمة 157 مليون دولار سنوياً)، الانتقال إلى خطوة جديدة لنزع الغطاء السياسي عن الوكالة، أو بالحد الأدنى دفعها إلى تغيير تصنيفها للاجئين الفلسطينيين ليصبح عددهم بضعة آلاف وليس خمسة ملايين كما هو مسجّل حالياً لديها. وبناءً عليه، ترى «الأونروا» والمتابعون لقضيتها أن الأشهر المقبلة ستكون صعبة، علماً بأنّ عملية التصويت لتجديد ولايتها ستكون في الشهر التاسع من العام الجاري، وأن التصويت الماضي حصل في كانون الأول/ ديسمبر 2016، عندما وافقت 167 دولة من «الجمعية العامة» على ولاية جديدة لـ«الأونروا» تنتهي في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وتتزامن أزمة الوجود هذه مع الأزمة المالية التي عصفت بالوكالة العام الماضي، حينما بلغ حجم العجز لديها أكثر من 446 مليون دولار جراء قطع الدعم الأميركي والضغوط على المانحين. وفي هذا الإطار، أعلن المتحدث باسم «وكالة الغوث»، سامي مشعشع، عقد «مؤتمر دولي مهم للمانحين في سبتمبر (أيلول) المقبل لبحث الأزمة المالية»، مشيراً إلى أن «الوكالة بحاجة إلى مليار ومئتي مليون دولار لتوفير كامل خدماتها، الأمر الذي يتطلب بذل جهود كبيرة». إلا أنه، على رغم ارتفاع وتيرة المطالبات بدعم «الأونروا» وحمايتها وضرورة استمرار خدماتها لملايين اللاجئين الفلسطينيين، وآخرها خلال القمة العربية التي عقدت في تونس في الحادي والثلاثين من آذار/ مارس الماضي، لا يزال مصير هذا الدعم غامضاً، ولا سيما في شأن من سيعوض العجز بعد تجاوز أزمة التجديد.
سيجري التصويت في الشهر التاسع على تجديد ولاية الوكالة لـ3 سنوات


في ما يتصل بهذه الأخيرة، لا يبدو تحرك السلطة الفلسطينية على مستوى التحركات الأميركية والإسرائيلية. ومع أنها أعلنت مطلع العام الجاري وضع خطة لحشد الدعم السياسي في الأمم المتحدة، فإنها لا تملك سوى طمأنة من الاتحاد الأوروبي بالتصويت لمصلحة التمديد، وهو ما يبدو أنه أسهم في تبريد نشاطها، فضلاً عن ترؤسها مجموعة «77 + الصين» (تحالف مجموعة من الدول النامية) التي يتوقع أن تصوت إيجاباً. كذلك، في القمة العربية الأخيرة، أشار أمين الجامعة، أحمد أبو الغيط، على بعثة الجامعة ببدء التنسيق مع «مجلس السفراء العرب» لإجراء الاتصالات مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لحشد التأييد. ووفق رئيس «دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير»، أحمد أبو هولي، يجري العمل عبر مسارين: الأول على مستوى الدول الأعضاء لحشد الدعم السياسي، والثاني على مستوى الدول المانحة والمُموِّلة لدعم موازنة «الأونروا» وسد العجز المالي. كذلك عقد الداعمون خلال الشهر الماضي لقاءات حوارية لبحث سبل الدعم السياسي والمالي، وأبرزها لقاء العاصمة السويدية استوكهولم الذي شدد على «أهمية تجديد تكليف الوكالة واستمرار دعمها باعتبارها عنصراً للتنمية والاستقرار والأمن في المنطقة».
في المقابل، سخّرت الخارجية الإسرائيلية جهودها خلال العام الماضي للتأثير في سفراء الدول الموجودين في إسرائيل. وخلال مؤتمر خاص عقد في كانون الأول/ ديسمبر 2018 في مقرّ الوزارة للسفراء الإسرائيليين في منطقتَي أوروبا وأميركا، خاطبت نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوطوبيلي، السفراء بأنّ «دبلوماسية إسرائيل لسنة 2018 هي العمل على أن عهد الأونروا قد انتهى إلى الأبد». ثم في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، التقت حوطوبيلي بخمسين شخصية يمثلون دولهم في إسرائيل، وسلّمتهم رسالة بعد موافقة رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو عليها لتسليمها لحكومات دولهم، ومفادها أن «سياسة إسرائيل هي العمل على إغلاق الأونروا لأنها أصبحت المشكلة وليست الحل»، وأن «الأونروا عملت على زيادة عدد اللاجئين بعدما نقلت مباشرة مكانة اللاجئ من جيل إلى جيل، ولا يوجد أي شبيه لذلك، وهو يرسخ الصراع فقط».