في اللغة الدارجة المصرية، عندما يخرج الضابط من الخدمة يقول المصريون عنه: «لبس البيجاما». هذا المصطلح صار ينطبق على غالبية الإعلاميين من أصحاب الصوت العالي الذين تعاملوا مع مختلف الأنظمة منذ عهد حسني مبارك حتى اليوم، بعدما أجبرتهم دولة عبد الفتاح السيسي على الجلوس في منازلهم والاختفاء قسراً، من دون أن يستطيعوا الحديث حتى عن أسباب غيابهم. عندما تخلى «الجنرال» عن بزته العسكرية، وقرر الترشح لانتخابات الرئاسة في 2014، أجرى حواراً تلفزيونياً مطولاً مع الإعلاميَين إبراهيم عيسى ولميس الحديدي، نجمَي «التوك شو» آنذاك. اليوم، بعد 5 سنوات من هذا اللقاء، باتت الحديدي ممنوعة من الظهور، وعيسى مسموح له أن يطل إذاعياً فقط، مكتفياً بالحديث في الثقافة والفن والتاريخ! «إقصاء إجباري»، هكذا كان التعامل مع جميع الإعلاميين، والمقصلة بدأت بتخفيض رواتبهم ثم إقصاء المعارضين، من أمثال دينا عبد الرحمن، وصولاً حتى إلى إقصاء المؤيدين بشدة، أملاً في أن تحظى الوجوه الجديدة المدعومة من الأجهزة الأمنية بقبول لدى المواطنين.
ابراهيم عيسى

أُقصيت الحديدي إجبارياً قبل ساعات قليلة من ظهور برنامجها، فيما أُجبر وائل الأبراشي على تغيير طريقته، وفُرضت عليه خلود زهران (مذيعة جلسات «اسأل الرئيس» في منتديات الشباب) لتشاركه التقديم، كما حُجّم في إبداء رأيه بشدة. أما يوسف الحسيني، فأُجلس أيضاً خلف ميكروفون الإذاعة حصراً، بعدما وجّه انتقادات للسيسي في بعض المناسبات، وهو المذيع الذي لطالما عُرف بدعمه النظام في مواجهة جماعة «الإخوان المسلمون». أيضاً، خيري رمضان، الصحافي في «الأهرام»، أُجبر على الاعتزال مع إبعاده من برنامج «مصر النهارده»، وكذلك زميلته رشا نبيل التي أطيحت من التلفزيون المصري بعد أسابيع فقط من استقدامهما من القنوات الخاصة لتقديم «التوك شو» الرئيس على «شاشة ماسبيرو» ضمن خطة التطوير التي لم تحقق نجاحاً.

جابر القرموطي

من جهة أخرى، بقيت منى الشاذلي محظوظة بالتوقف عن السياسة كلياً في أعقاب إطاحة الرئيس «الإخواني» محمد مرسي، لتبقى في الترفيه مدعومة من زوجها ويستمر برنامجها «معكم» بشكله الترفيهي الفني. في الوقت نفسه، طُلب من عمرو أديب ألا يسهب في التفاصيل السياسية باستثناء بعض الأمور التي تُطلب منه بالأمر المباشر، ليضمن بقاءه على الشاشة. أما الإعلامي جابر القرموطي، الذي كان ينقل شكاوى المواطنين ويعرض الصحف فقط، فأُقصي كذلك بسبب ضيق الأجهزة من شكاوى المواطنين وكثرتها على الشاشة، فيما غُيّب معتز الدمرداش من المشهد بسبب بعض آرائه. خلاصة الإقالات والاستبعادات أن المشهد الإعلامي لم يبقَ فيه أي مذيع له شعبية أو جماهيرية حقيقية، في خطوة مقصودة لكي لا يكون لأي منهم دور في توجيه المواطنين كما حدث في «30 يونيو» عندما حشدوا المواطنين للخروج على مرسي، فالأجهزة لم يعد لديها ثقة بمَن انقلبوا أمس على حسني مبارك ورجاله وساروا مع اتجاهات الشارع.